ولما كان السياق لأن فهو يهدي البعيد في البقعة؛ والنسب؛ إذا أراد؛ ويضل القريب فيهما؛ إن شاء؛ وكان بعد الدار ملزوما في الغالب لبعد النسب؛ قدم مكان المجيء على فاعله؛ بيانا لأن الدعاء نفع الأقصى؛ ولم ينفع الأدنى؛ فقال: الأمر بيد الله؛ فلا هادي لمن أضل؛ ولا مضل لمن هدى؛ وجاء من أقصى ؛ أي: أبعد - بخلاف ما مر في سورة "القصص"; ولأجل هذا الغرض عدل عن التعبير بالقرية؛ كما تقدم؛ وقال: المدينة ؛ لأنها أدل على الكبر؛ المستلزم لبعد الأطراف؛ وجمع الأخلاط؛ ولما بين الفاعل بقوله: رجل ؛ بين اهتمامه؛ بالنهي عن المنكر؛ ومسابقته إلى إزالته؛ كما هو الواجب؛ بقوله: يسعى ؛ أي: يسرع في مشيه؛ فوق المشي؛ ودون العدو؛ حرصا على نصيحة قومه.
ولما تشوفت النفس إلى الداعي إلى إتيانه؛ بينه قوله: قال [ ص: 110 ] واستعطفهم بقوله: يا قوم ؛ وأمرهم بمجاهدة النفوس؛ بقوله: اتبعوا المرسلين ؛ أي: في عبادة الله وحده؛ وكل ما يأمرونكم به;