[ ص: 42 ] ولما كان - صلى الله عليه وسلم - شديد الأسف على إبائهم؛ رحمة لهم؛ وخوفا من أن يكون ذلك لتقصير في حاله؛ وكان التقدير: "فإن يصدقوك فهو حظهم في الدنيا؛ والآخرة"؛ عطف عليه - تأسية له؛ وتسلية - قوله: وإن يكذبوك فقد ؛ أي: فتسل؛ لأنه قد كذب الذين ؛ ولما كان المكذبون بعض الناس؛ فلزم لذلك أن يكونوا في بعض الزمان؛ دل على ذلك بالجار؛ فقال: من قبلهم ؛ أي: ما أتتهم به رسلهم عن الله.
ولما كان قبول الرسل لما جاءهم عن الله؛ ونفي التقصير في الإبلاغ عنهم؛ دالا على علو شأنهم؛ وسفول أمر المكذبين من الأمم؛ وكل ذلك دالا على تمام قدرة الله (تعالى) في المفاوتة بين الخلق؛ قال - دالا على أمري العلو؛ والسفول؛ استئنافا؛ جوابا لمن كأنه قال: هل كان تكذيبهم عنادا؛ أو لنقص في البيان؟" -: جاءتهم ؛ أي: الأمم الخالية؛ رسلهم بالبينات ؛ أي: الآيات الواضحات في الدلالة على صحة الرسالة؛ ولما كان التصديق بالكتاب لازما لكل من بلغه أمره؛ وكانت نسبة التكذيب إلى جميع الأمم أمرا معجبا؛ كان الأمر حريا بالتأكيد؛ لئلا يظن أنهم ما كذبوا إلا لعدم الكتاب؛ فأكد بإعادة الجار؛ [ ص: 43 ] فقال: وبالزبر ؛ أي: الأمور المكتوبة؛ من الصحف؛ ونحوها من السنن؛ والأسرار؛ وبالكتاب ؛ أي: جنس الكتاب؛ كالتوراة؛ والإنجيل؛ المنير ؛ أي: الواضح في نفسه؛ الموضح لطريق الخير؛ والشر؛ كما أنك أتيت قومك بمثل ذلك؛ وإن كان طريقك أوضح؛ وأظهر؛ وكتابك أنور؛ وأبهر؛ وأظهر؛ وأشهر.