ولما أثبت لنفسه سبحانه الإحاطة بأوصاف الكمال، شرع يستدل على ذلك، فقال مبينا أن ما أخبر أنه صنعه فهو له: لله أي الملك الأعظم المحيط بجميع أوصاف الكمال خاصة دون غيره ما في السماوات كلها. ولما تحرر بما تقدم أنهم عالمون مقرون بما يلزم عنه وحدانيته، لم يؤكد بإعادة ما والجار، بل قال: والأرض أي كلها كما كانتا مما صنعه، فلا يصح أن يكون شيء من ذلك له شريكا.
ولما ثبت ذلك أنتج قطعا قوله: إن الله أي الملك الأعظم هو أو وحده، وأكد لأن ادعائهم الشريك يتضمن إنكار غناه، [ ص: 196 ] ولذلك أظهر موضع الإضمار إشارة إلى أن كل ما وصف به فهو ثابت له مطلقا من غير تقييد بحيثيته الغني مطلقا، لأن جميع الأشياء له ومحتاجة إليه، وليس محتاجا إلى شيء أصلا. ولما كان الغني قد لا يوجب الحمد لله: الحميد أي المستحق لجميع المحامد، لأنه المنعم على الإطلاق، المحمود بكل لسان ألسنة الأحوال والأقوال، ولو كان نطقها ذما فهو حمد من حيث إنه هو الذي أنطقها، ومن قيد الخرس أطلقها.