ولما نزل هذا على قوم أكثرهم له منكر، أكده سبحانه بما يقوي [ ص: 44 ] قلوب أصفيائه بتبيين المراد، ويرد ألسنة أعدائه عن كثير من العناد، ويعرفهم أنه كما صدق في هذا الوعد لأجل تفريح أوليائه فهو يصدق في وعد الآخرة ليحكم بالعدل، ويأخذ لهم حقهم ممن عاداهم، ويفضل عليهم بعد ذلك بما يريد، فقال: وعد الله أي الذي له جميع صفات الكمال، وهو متعال عن كل شائبة نقص، فلذلك لا يخلف وأعاد ذكر الجلالة تنبيها على عظم الأمر فقال: الله أي الذي له الأمر كله. ولما كان لا يخلف شيئا من الوعد، لا هذا الذي في أمر الروم ولا غيره، أظهر فقال: وعده كما يعلم ذلك أولياؤه ولكن أكثر الناس وهو أهل الاضطراب والنوس لا يعلمون أي ليس لهم علم أصلا، ولذلك لا نظر لهم يؤدي إلى أنه وعد وأنه لا بد من وقوع ما وعد به في الحال التي ذكرها لأنه قادر وحكيم.