فكأنه قيل: ماذا تفعل في اختبارهم؟ فقيل: الأمر أوضح من ذلك، فإن لكل حق حقيقة، ولكل فعل أدلة قل أي لهم: لا تقسموا أي لا تحلفوا فإن العلم بما أنتم عليه لا يحتاج إلى الإقسام، ولكن المحرك لكم إلى الخروج محبة الامتثال لا إلزام الإقسام، وفيه إشارة إلى أنهم أهل للاتهام، وكذا قال المتنبي :
وفي يمينك فيما أنت واعده ما دل أنك في الميعاد متهم
ثم علل ذلك بقوله: طاعة أي هذه الحقيقة معروفة أي منكم ومن غيركم، وإرادة الحقيقة هو الذي سوغ الابتداء بها مع تنكير لفظها لأن العموم الذي تصلح له كما قالوا من أعرف المعارف، [ ص: 301 ] ولم تعرف ب "ال" لئلا يظن أنها لعهد ذكري أو نحوه، والمعنى أن الطاعة وإن اجتهد العبد في إخفائها لا بد أن تظهر مخايلها على شمائله، وكذا المعصية لأنه رواه "ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها" عن الطبراني رضي الله عنه، وروى جندب عن مسدد رضي الله عنه قال: لو أن رجلا دخل بيتا في جوف بيت فأدمن هناك عملا أوشك الناس أن يتحدثوا به، وما من عامل عمل عملا إلا كساه الله رداء عمله، إن كان خيرا فخير، وإن كان شرا فشر . عثمان بن عفان
ولأبي يعلى - وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه عن والحاكم رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبي سعيد ثم علل إظهاره للخبء بقوله: لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان إن الله أي الذي له الإحاطة بكل شيء خبير بما تعملون وإن اجتهدتم في إخفائه، فهو ينصب عليه دلائل يعرفه بها عباده، فالحلف غير مغن عن الحالف، والتسليم غير ضار للمسلم.