ولما قرر ذلك وأرشد السياق إلى شيء اقتضت البلاغة طيه إرشادا إلى البعد منه والهرب عنه لبشاعته وسوء مغبته وهو ومن يؤمن بالطاغوت ويكفر بالله فلا يتمسك له والله يهويه إلى الجحيم، كأنه قيل: فمن يخلص النفس من ظلمات الهوى والشهوة ووساوس الشيطان؟ فقال مستأنفا:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29676_30431_30437_30539_34106_34112_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257الله أي بما له من العظمة والأسماء الحسنى
[ ص: 45 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257ولي الذين آمنوا أي يتولى مصالحهم، ولذلك بين ولايته بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257يخرجهم من الظلمات [أي المعنوية] جمع ظلمة وهو ما يطمس الباديات حسا أو معنى، وجمعها لأن طرق الضلال كثيرة فإن الكفر أنواع
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257إلى النور أي المعنوي وهو ما يظهر الباديات حسا أو معنى - قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي، ووحده لأن الصراط المستقيم واحد
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ومن المحامل الحسنة أن يشار بالجمع إلى ما ينشأ من الجهل عن المشاعر التي أخبر بالختم عليها، فصار البصر عريا عن الاعتبار، والسمع خاليا عن الفهم والاستبصار، والقلب معرضا عن التدبر والافتكار، وبالوحدة في النور إلى صلاح القلب فإنه كفيل بجلب كل سار ودفع كل ضار، والنور الذي هو العقل والفطرة الأولى ذو جهة واحدة وهي القوم، والظلمة الناشئة عن النفس ذات جهات هي في غاية الاختلاف.
[ ص: 46 ] ولما ذكر عباده الخلص ذكر عباد الشهوات فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257والذين كفروا أي ستروا ما دلت عليه أدلة العقول أولا والنقول ثانيا بشهوات النفوس
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257أولياؤهم الطاغوت من شهواتهم وما أدت إليه من اتباع كل ما أطغى من الشياطين والعكوف على الأصنام وغير ذلك، ثم بين استيلاءهم عليهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257يخرجونهم وإسناده إلى ضمير الجمع يؤيد أن جمع الظلمات لكثرة أنواع الكفر
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257من النور أي الفطري
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257إلى الظلمات قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي: وفيه بيان
nindex.php?page=treesubj&link=28644_29619استواء جميع الخلق في حقيقة النور الأول إلى الروح المجندة إلى الفطرة المستوية nindex.php?page=hadith&LINKID=651296 "كل مولود يولد على الفطرة" انتهى.
[ ص: 47 ] ولما ذكر استيلاء الشهوات عليهم الداعي إليها الطيش والخفة الناشئ عن عنصر النار التي هي شعبة من الشيطان بين أن جزاءهم من جنس مرتكبهم فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257أولئك أي الحالون في محل البعد والبغض
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257أصحاب النار قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي: الذين اتبعوها من حيث لم يشعروا من حيث إن الصاحب من اتبع مصحوبه. انتهى. ولما علم من ذكر الصحبة دوامهم فيها صرح به تأكيدا بقوله مبينا اختصاصهم بها:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257هم أي خاصة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257فيها خالدون إلى ما لا آخر له. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي: وجعل الخلود وصفا لهم إشعارا بأنهم فيها وهم في دنياهم. انتهى.
وَلِمَا قَرَّرَ ذَلِكَ وَأَرْشَدَ السِّيَاقُ إِلَى شَيْءٍ اقْتَضَتِ الْبَلَاغَةُ طَيَّهُ إِرْشَادًا إِلَى الْبُعْدِ مِنْهُ وَالْهَرَبِ عَنْهُ لِبَشَاعَتِهِ وَسُوءِ مَغَبَّتِهِ وَهُوَ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِالطَّاغُوتِ وَيَكْفُرْ بِاللَّهِ فَلَا يُتَمَسَّكُ لَهُ وَاللَّهُ يُهْوِيهِ إِلَى الْجَحِيمِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَنْ يُخَلِّصُ النَّفْسَ مِنْ ظُلُمَاتِ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ وَوَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ؟ فَقَالَ مُسْتَأْنِفًا:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29676_30431_30437_30539_34106_34112_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257اللَّهُ أَيْ بِمَا لَهُ مِنَ الْعَظَمَةِ وَالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى
[ ص: 45 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ يَتَوَلَّى مَصَالِحَهُمْ، وَلِذَلِكَ بَيَّنَ وِلَايَتَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ [أَيِ الْمَعْنَوِيَّةِ] جَمْعِ ظُلْمَةٍ وَهُوَ مَا يَطْمِسُ الْبَادِيَاتِ حِسًّا أَوْ مَعْنَىً، وَجَمَعَهَا لِأَنَّ طُرُقَ الضَّلَالِ كَثِيرَةٌ فَإِنَّ الْكُفْرَ أَنْوَاعٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257إِلَى النُّورِ أَيِ الْمَعْنَوِيِّ وَهُوَ مَا يُظْهِرُ الْبَادِيَاتِ حِسًّا أَوْ مَعْنَىً - قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ، وَوَحَّدَهُ لِأَنَّ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ وَاحِدٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ وَمِنَ الْمَحَامِلِ الْحَسَنَةِ أَنْ يُشَارَ بِالْجَمْعِ إِلَى مَا يَنْشَأُ مِنَ الْجَهْلِ عَنِ الْمَشَاعِرِ الَّتِي أَخْبَرَ بِالْخَتْمِ عَلَيْهَا، فَصَارَ الْبَصَرُ عُرْيًا عَنِ الاعْتِبَارِ، وَالسَّمْعُ خَالِيًا عَنِ الْفَهْمِ وَالِاسْتِبْصَارِ، وَالْقَلْبُ مُعْرِضًا عَنِ التَّدَبُّرِ وَالِافْتِكَارِ، وَبِالْوَحْدَةِ فِي النُّورِ إِلَى صَلَاحِ الْقَلْبِ فَإِنَّهُ كَفِيلٌ بِجَلْبِ كُلِّ سَارٍّ وَدَفْعِ كُلِّ ضَارٍّ، وَالنُّورُ الَّذِي هُوَ الْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ الْأُولَى ذُو جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْقَوْمُ، وَالظُّلْمَةُ النَّاشِئَةُ عَنِ النَّفْسِ ذَاتُ جِهَاتٍ هِيَ فِي غَايَةِ الِاخْتِلَافِ.
[ ص: 46 ] وَلَمَّا ذَكَرَ عِبَادَهُ الْخُلَّصَ ذَكَرَ عُبَّادَ الشَّهَوَاتِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ سَتَرُوا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ الْعُقُولِ أَوَّلًا وَالنُّقُولِ ثَانِيًا بِشَهَوَاتِ النُّفُوسِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ مِنْ شَهَوَاتِهِمْ وَمَا أَدَّتْ إِلَيْهِ مِنَ اتِّبَاعِ كُلِّ مَا أَطْغَى مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالْعُكُوفِ عَلَى الْأَصْنَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ بَيَّنَ اسْتِيلَاءَهُمْ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257يُخْرِجُونَهُمْ وَإِسْنَادُهُ إِلَى ضَمِيرِ الْجَمْعِ يُؤَيِّدُ أَنَّ جَمْعَ الظُّلُمَاتِ لِكَثْرَةِ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257مِنَ النُّورِ أَيِ الْفِطْرِيِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257إِلَى الظُّلُمَاتِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ: وَفِيهِ بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=28644_29619اسْتِوَاءِ جَمِيعِ الْخَلْقِ فِي حَقِيقَةِ النُّورِ الْأَوَّلِ إِلَى الرُّوحِ الْمُجَنَّدَةِ إِلَى الْفِطْرَةِ الْمُسْتَوِيَةِ nindex.php?page=hadith&LINKID=651296 "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ" انْتَهَى.
[ ص: 47 ] وَلَمَّا ذَكَرَ اسْتِيلَاءَ الشَّهَوَاتِ عَلَيْهِمُ الدَّاعِي إِلَيْهَا الطَّيْشُ وَالْخِفَّةُ النَّاشِئَ عَنْ عُنْصُرِ النَّارِ الَّتِي هِيَ شُعْبَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ بَيَّنَ أَنَّ جَزَاءَهُمْ مِنْ جِنْسِ مُرْتَكَبِهِمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257أُولَئِكَ أَيِ الْحَالُّونَ فِي مَحَلِّ الْبُعْدِ وَالْبُغْضِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257أَصْحَابُ النَّارِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ: الَّذِينَ اتَّبَعُوهَا مِنْ حَيْثُ لَمْ يَشْعُرُوا مِنْ حَيْثُ إِنَّ الصَّاحِبَ مَنِ اتَّبَعَ مَصْحُوبَهُ. انْتَهَى. وَلَمَّا عُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الصُّحْبَةِ دَوَامُهُمْ فِيهَا صَرَّحَ بِهِ تَأْكِيدًا بِقَوْلِهِ مُبَيِّنًا اخْتِصَاصَهُمْ بِهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257هُمْ أَيْ خَاصَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257فِيهَا خَالِدُونَ إِلَى مَا لَا آخِرَ لَهُ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14085الْحَرَالِّيُّ: وَجَعَلَ الْخُلُودَ وَصْفًا لَهُمْ إِشْعَارًا بِأَنَّهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِي دُنْيَاهُمُ. انْتَهَى.