ولما ذمهم باللعب وبين أنه يفعل في إهلاك الظلم وإنجاء العدل فعل الجاد بإحقاق الحق بالانتقام لأهله، وإزهاق الباطل باجتثاثه من أصله، فكان التقدير: وما ينبغي لنا أن نفعل غير ذلك من أفعال الحكمة العرية عن اللعب، فلم نخلق الناس عبثا يعصوننا ولا يؤاخذون، عطف عليه قوله: وما خلقنا أي بعظمتنا التي تقتضي الجد ولا بد.
ولما كان خلق السماء واحدة يكفي في الدلالة على الحكمة فكيف بأكثر منها! وحد فقال: السماء أي على علوها وإحكامها [ ص: 398 ] والأرض على عظمها واتساعها وما بينهما مما دبرناه لتمام المنافع من أصناف البدائع وغرائب الصنائع لاعبين غير مريدين بذلك تحقيق الحقائق وإبطال الأباطيل، بل خلقنا [لكم -] ذلك آية عظيمة كافية في الوصول إلينا ليظهر العدل في جزاء كل بما يستحق، مشحونة بما يقوت الأجسام، ويهيج النفوس، ويشرح الصدور، ويروح الأرواح ويبعث إلى الاعتبار، كل من له استبصار، للدلالة على حكمتنا ووجوب وحدانيتنا فاتخذتم أنتم ما زاد على الحاجة لهوا صادا عن الخير، داعيا إلى الضير.