فوجدا عبدا من عبادنا مضافا إلى حضرة عظمتنا وهو الخضر عليه السلام آتيناه بعظمتنا "رحمة" أي وحيا ونبوة، وكونه نبيا قول الجمهور ، "من عندنا" أي مما لم يجر على قوانين العادات غير أنه ليس بمستغرب عند أهل الاصطفاء وعلمناه من لدنا أي من الأمور المستبطنة المستغربة التي عندنا مما لم يحدث عن الأسباب المعتادات، فهو مستغرب عند أهل الاصطفاء علما قذفناه في قلبه بغير واسطة; [و -] قال الأستاذ "عند" في لسان أبو الحسن الحرالي: العرب لما ظهر، و "لدن" لما بطن، فيكون المراد بالرحمة ما ظهر من كراماته، وبالعلم الباطن الخفي المعلوم قطعا أنه خاص بحضرته سبحانه، فأهل [ ص: 107 ] التصوف سموا العلم بطريق المكاشفة العلم اللدني، فإذا سعى العبد في الرياضيات يتزين الظاهر بالعبادة، وتتخلى النفس عن الأخلاق الرذيلة، وتتحلى بالأخلاق الجميلة، وتصير القوى الحسية والخيالية والوهمية في غاية القوة، [وحينئذ تصير القوة -] العقلية قوية [صافية، وربما كانت النفس بحسب أصل الفطرة نورانية إلهية علوية قليلة التعلق -] بالحوادث البدنية، شديدة الاستعداد لقبول الأمور الإلهية، فتشرق فيها الأنوار الإلهية وتفيض عليها من عالم القدس على وجه الكمال فتحصل المعارف والعلوم من غير تفكر وتأمل، فهذا هو العلم اللدني.