ولما كانت هذه سنته في القرون الماضية والأمم الخالية، قال تعالى عاطفا على قوله لهم موعد مروعا لهم بالإشارة إلى ديارهم المصورة لدمارهم: وتلك القرى أي الماضية من عاد وثمود ومدين وقوم لوط وأشكالهم أهلكناهم أي حكمنا بإهلاكهم بما لنا من العظمة لما ظلموا أي أول ما ظلموا، أو أهلكناهم بالفعل حين ظلمهم لكن لا في أوله، بل أمهلناهم إلى حين تناهيه وبلوغه الغاية، فليحذر هؤلاء مثل ذلك وجعلنا أي بما لنا من العظمة لمهلكهم أي إهلاكهم بالفعل موعدا أي وقتا نحله بهم فيه ومكانا لم نخلفه، كما أنا جعلنا لهؤلاء موعدا في الدنيا بيوم بدر والفتح وحنين ونحو ذلك، وفي الآخرة لن نخلفه، وكذا كل أمر يقوله نبي من الأنبياء عنا لا يقع فيه خلف وإن كان يجوز لنا ذلك، بخلاف ما يقوله من نفسه غير مسند إلينا فإنه يمكن وقوع الخلف فيه، كما [ ص: 96 ] وقع في الوعد بالإخبار عن هذه المسائل التخلف أربعين ليلة أو ما دونها على حسب فهمهم أن "غدا" على حقيقته.