ولما كان شرح هذا أنهم تكلموا بالباطل في جانبه (تعالى)؛ وجانبهم؛ بين ما هو الحق في هذا المقام؛ فقال (تعالى) - على تقدير الجواب لمن كأنه قال: فما يقال في ذلك؟ مظهرا في موضع الإضمار؛ تنبيها على الوصف الذي أوجب الإقدام على الأباطيل من غير خوف -: [ ص: 186 ] للذين لا يؤمنون ؛ أي: لا يوجدون الإيمان أصلا؛ بالآخرة مثل ؛ أي: حديث السوء ؛ من الضعف؛ والحاجة؛ والذل؛ والرعونة؛ ولله ؛ أي: الذي له الكمال كله؛ المثل ؛ أي: الحديث؛ أو المقدار؛ أو الوصف؛ أو القياس؛ الأعلى ؛ من الغنى؛ والقوة؛ وجميع صفات الكمال؛ بحيث لا يلحقه حاجة؛ ولا ضعف؛ ولا شائبة نقص أصلا؛ وأعدل العبارات عن ذلك: "لا إله إلا الله"؛ ويتأتى تنزيل المثل على الحقيقة؛ كما سيأتي إيضاحه؛ إن شاء الله (تعالى) في سورة "الروم".
ولما كان أمره - سبحانه وتعالى - أجل مما تدركه العقول؛ وتصل إليه الأفهام؛ أشار إلى ذلك بقوله (تعالى): وهو ؛ لا غيره؛ العزيز ؛ الذي لا يمتنع عليه شيء؛ فلا نظير له؛ الحكيم ؛ الذي لا يوقع شيئا إلا في محله؛ فلو عاملهم بما يستحقونه من هذه العظائم التي تقدمت عنهم؛ لأخلى الأرض منهم؛