ولما تضمن ذلك أن سراءهم وضراءهم لهم خير من حيث إن موجب لإقبال القاضي على المقضي عليه بالرأفة والرحمة، صرح بذلك في قوله: الرضى بمر القضاء قل هل تربصون أي: تنتظرون انتظارا عظيما بنا إلا إحدى الحسنيين أي: وهي أن نصيب أعداءنا فنظفر ونغنم ونؤجر أو يصيبونا بقتل أو غيره فنؤجر، وكلا الأمرين حسن: أما السراء التي توافقوننا على حسنها فأمرها واضح، وأما الضراء فموجبة لرضى الله عنا ومثوبته لنا بالصبر عليها ورضانا بها إجلالا له وتسليما لأمره فهي حسنى كما نعلم لا سوأى كما تتوهمون ونحن نتربص بكم أي: ننتظر إحدى السوأيين وهي أن يصيبكم الله أي: الذي له جميع القدرة ونحن من حزبه بعذاب من عنده أي: لا تسبب لنا فيه كما أهلك القرون الأولى بصائر للناس أو بأيدينا أي: بسببنا من قتل أو نهب وأسر وضرب وغير ذلك؛ لأن حذركم لا يمنعكم من الله، وكل ذلك مكروه عندكم.
ولما تسبب عن هذا البيان أن السوء خاصة بحزب الشيطان، حسن [ ص: 498 ] أن يؤمروا تهكما بهم بما أداهم إلى ذلك تخسيسا لشأنهم فقال: فتربصوا أي: أنتم إنا أي: نحن معكم متربصون أي: بكم، نفعل كما تفعلون، والقصد مختلف، والآية من الاحتباك: حذف أولا الإصابة للدلالة عليها بما أثبت ثانيا، وثانيا إحدى السوأيين للدلالة عليها بإثبات الحسنيين أولا.