إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون
(98) أي: وإنكم أيها العابدون مع الله آلهة غيره حصب جهنم ؛ أي: وقودها وحطبها أنتم لها واردون وأصنامكم.
(99) والحكمة في دخول الأصنام النار - وهي جماد لا تعقل وليس عليها ذنب - بيان كذب من اتخذها آلهة، وليزداد عذابهم، فلهذا قال: لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وهذا كقوله تعالى: ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين وكل من العابدين والمعبودين فيها خالدون، لا يخرجون منها، ولا ينتقلون عنها.
[ ص: 1085 ] (100) لهم فيها زفير من شدة العذاب وهم فيها لا يسمعون صم بكم عمي، أو لا يسمعون من الأصوات غير صوتها؛ لشدة غليانها، واشتداد زفيرها وتغيظها.
(101 -102) ودخول آلهة المشركين النار إنما هو الأصنام، أو من عبد وهو راض بعبادته.
وأما المسيح وعزير والملائكة ونحوهم - ممن عبد من الأولياء - فإنهم لا يعذبون فيها، ويدخلون في قوله: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ؛ أي: سبقت لهم سابقة السعادة في علم الله وفي اللوح المحفوظ وفي تيسيرهم في الدنيا لليسرى والأعمال الصالحة، أولئك عنها ؛ أي: عن النار مبعدون فلا يدخلونها، ولا يكونون قريبا منها، بل يبعدون عنها غاية البعد، حتى لا يسمعوا حسيسها، ولا يروا شخصها. وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون من المآكل والمشارب والمناكح والمناظر، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، مستمر لهم ذلك، يزداد حسنه على الأحقاب.
(103) لا يحزنهم الفزع الأكبر ؛ أي: لا يقلقهم إذا فزع الناس أكبر فزع، وذلك يوم القيامة، حين تقرب النار، تتغيظ على الكافرين والعاصين فيفزع الناس لذلك الأمر وهؤلاء لا يحزنهم؛ لعلمهم بما يقدمون عليه، وأن الله قد أمنهم مما يخافون. وتتلقاهم الملائكة إذا بعثوا من قبورهم، وأتوا على النجائب وفدا لنشورهم، مهنئين لهم قائلين: هذا يومكم الذي كنتم توعدون فليهنكم ما وعدكم الله، وليعظم استبشاركم بما أمامكم من الكرامة، وليكثر فرحكم وسروركم، بما أمنكم الله من المخاوف والمكاره.