وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير
هذا إخبار من الله بسعة علمه، وشمول لطفه فقال: وأسروا قولكم أو اجهروا به أي: كلها سواء لديه، لا يخفى عليه منها خافية، فـ إنه عليم بذات الصدور أي: بما فيها من النيات، والإرادات، فكيف بالأقوال والأفعال، التي تسمع وترى؟!
ثم قال -مستدلا بدليل عقلي على علمه-: ألا يعلم من خلق فمن خلق الخلق وأتقنه وأحسنه، كيف لا يعلمه؟! وهو اللطيف الخبير الذي لطف علمه وخبره، حتى أدرك السرائر والضمائر، والخبايا والخفايا والغيوب ، وهو الذي يعلم السر وأخفى ومن معاني اللطيف، أنه الذي يلطف بعبده ووليه، فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر، من حيث لا يحتسب، ويرقيه إلى أعلى المراتب، بأسباب لا تكون من العبد على بال، حتى إنه يذيقه المكاره، [ ص: 1860 ] ليوصله بها إلى المحاب الجليلة، والمطالب النبيلة.