تفسير سورة المؤمن
مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير
يخبر تعالى عن كتابه العظيم وبأنه صادر ومنزل من الله، المألوه المعبود، لكماله وانفراده بأفعاله، العزيز الذي قهر بعزته كل مخلوق العليم بكل شيء.
غافر الذنب للمذنبين وقابل التوب من التائبين، شديد العقاب على من تجرأ على الذنوب ولم يتب منها، ذي الطول أي: التفضل والإحسان الشامل.
فلما قرر ما قرر من كماله وكان ذلك موجبا لأن يكون وحده، المألوه الذي تخلص له الأعمال قال: لا إله إلا هو إليه المصير
ووجه المناسبة بذكر نزول القرآن من الله الموصوف بهذه الأوصاف أن هذه الأوصاف مستلزمة لجميع ما يشتمل عليه القرآن، من المعاني.
فإن القرآن: إما إخبار [ ص: 1535 ] عن أسماء الله، وصفاته، وأفعاله، وهذه أسماء، وأوصاف، وأفعال.
وإما إخبار عن الغيوب الماضية والمستقبلة، فهي من تعليم العليم لعباده.
وإما إخبار عن نعمه العظيمة، وآلائه الجسيمة، وما يوصل إلى ذلك، من الأوامر، فذلك يدل عليه قوله: ذي الطول
وإما إخبار عن نقمه الشديدة، وعما يوجبها ويقتضيها من المعاصي، فذلك يدل عليه قوله: شديد العقاب
وإما دعوة للمذنبين إلى التوبة والإنابة، والاستغفار، فذلك يدل عليه قوله: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب
وإما فذلك يدل عليه قوله تعالى: إخبار بأنه وحده المألوه المعبود، وإقامة الأدلة العقلية والنقلية على ذلك، والحث عليه، والنهي عن عبادة ما سوى الله، وإقامة الأدلة العقلية والنقلية على فسادها والترهيب منها، لا إله إلا هو
وإما إخبار عن حكمه الجزائي العدل، وثواب المحسنين، وعقاب العاصين، فهذا يدل عليه قوله: إليه المصير
فهذا جميع ما يشتمل عليه القرآن من المطالب العاليات.