قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون
قالوا استئناف مبنى نشأ من مساق الكلام ، كأنه قيل : فماذا قالوا بمقابلة أمره عليه السلام ونهيه ، فقيل : قالوا غير ممتثلين بذلك .
يا موسى إن فيها قوما جبارين متغلبين لا يتأتى منازعتهم ، ولا يتسنى مناصبتهم . والجبار : العاتي الذي يجبر الناس ، ويقسرهم كائنا من كان على ما يريده كائنا ما كان ، فعال من جبره على الأمر ; أي : أجبره عليه .
وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها من غير صنع من قبلنا ، فإنه لا طاقة لنا بإخراجهم منها .
فإن يخرجوا منها بسبب من الأسباب التي لا تعلق لنا بها .
فإنا داخلون حينئذ أتوا بهذه الشرطية مع كون مضمونها مفهوما مما سبق من توقيت عدم الدخول بخروجهم منها ; تصريحا بالمقصود ، وتنصيصا على أن امتناعهم من دخولها ليس إلا لمكانهم فيها ، وأتوا في الجزاء بالجملة الاسمية المصدرة بحرف التحقيق دلالة على تقرر [ ص: 24 ] الدخول وثباته عند تحقق الشرط لا محالة ، وإظهارا لكمال الرغبة فيه وفي الامتثال بالأمر .