ووجدك ضالا فهدى
وقوله تعالى: ووجدك ضالا عطف على ما يقتضيه الإنكار السابق كما أشير إليه، أو على المضارع المنفي بـ"لم" داخل في حكمه، كأنه قيل: أما وجدك يتيما فآوى، ووجدك غافلا عن الشرائع التي لا تهتدي [ ص: 171 ] إليها العقول؟ كما في قوله تعالى: كنت تدري ما الكتاب . وقيل: ضل في صباه في بعض شعاب مكة فرده أبو جهل إلى عبد المطلب، وقيل: ضل مرة أخرى وطلبوه فلم يجدوه؛ فطاف عبد المطلب بالكعبة سبعا وتضرع إلى الله تعالى، فسمعوا مناديا ينادي من السماء: يا معشر الناس، لا تضجوا فإن لمحمد ربا لا يخذله ولا يضيعه، وإن محمدا بوادي تهامة عند شجر السمر؛ فسار عبد المطلب وورقة بن نوفل، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قائم تحت شجرة يلعب بالأغصان والأوراق، وقيل: أضلته مرضعته حليمة عند باب مكة حين فطمته وجاءت به لترده على عبد المطلب، وقيل: ضل في طريق الشام حين خرج به أبو طالب.
يروى أن إبليس أخذ بزمام ناقته في ليلة ظلماء فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل عليه السلام فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الهند، ورده إلى القافلة. فهدى فهداك إلى مناهج الشرائع المنطوية في تضاعيف ما أوحى إليك من الكتاب المبين، وعلمك ما لم تكن تعلم أو أزال ضلالك عن جدك أو عمك.