ولسوف يعطيك ربك فترضى
وقوله تعالى: ولسوف يعطيك ربك فترضى عدة كريمة شاملة لما أعطاه الله تعالى في الدنيا، من كمال النفس وعلوم الأولين والآخرين، وظهور الأمر، وإعلاء الدين بالفتوح الواقعة في عصره عليه الصلاة والسلام، وفي أيام خلفائه الراشدين وغيرهم من الملوك الإسلامية وفشو الدعوة والإسلام في مشارق الأرض ومغاربها؛ ولما ادخر له من الكرامات التي لا يعلمها إلا الله تعالى، وقد أنبأ رضي الله عنهما عن شمة منها حيث قال له عليه الصلاة والسلام: ابن عباس واللام للابتداء دخلت الخبر لتأكيد مضمون الجملة، والمبتدأ محذوف تقديره: ولأنت سوف يعطيك ...إلخ، لا للقسم؛ لأنها لا تدخل على المضارع إلا مع النون المؤكدة، وجمعها مع "سوف"؛ للدلالة على أن الإعطاء كائن لا محالة، وإن تراخى لحكمة. وقيل: هي للقسم، وقاعدة التلازم بينها وبين نون التأكيد قد استثنى النحاة منها صورتين، إحداهما: أن يفصل بينها وبين الفعل بحرف التنفيس كهذه الآية، وكقوله: والله لسأعطيك، والثانية: أن يفصل بينهما بمعمول الفعل، كقوله تعالى: "في الجنة ألف قصر من لؤلؤ أبيض، ترابه المسك" لإلى الله تحشرون وقال ليست هذه اللام هي التي في قولك: "إن زيدا لقائم" ؛ بل هي التي في قولك: "لأقومن"، ونابت "سوف" عن إحدى نوني التأكيد، فكأنه قيل: "وليعطينك" وكذلك اللام في قوله تعالى: أبو علي الفارسي: وللآخرة ...إلخ.