هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور
هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا لينة يسهل عليكم السلوك فيها، وتقديم "لكم" على مفعولي الجعل مع أن حقه التأخر عنهما؛ للاهتمام بما قدم والتشويق إلى ما أخر، فإن ما حقه التقديم إذا أخر لا سيما عند كون المقدم مما يدل على كون المؤخر من منافع المخاطبين، تبقى النفس مترقبة لوروده فيتمكن لديها عند ذكره فضل تمكن، والفاء في قوله تعالى: فامشوا في مناكبها لترتيب الأمر على الجعل المذكور، أي: فاسلكوا في جوانبها، أو جبالها، وهو مثل لفرط التذليل، فإن منكب البعير أرق أعضائه وأنباها عن أن يطأه الراكب بقدمه، فإذا جعل الأرض في الذل بحيث يتأتى المشي في مناكبها، لم يبق منها شيء لم يتذلل وكلوا من رزقه والتمسوا من نعم الله تعالى وإليه النشور أي: المرجع بعد البعث، لا إلى غيره فبالغوا في شكر نعمه وآلائه.