ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب جهلة لا يعرفون الكتابة فيطالعوا التوراة ويتحققوا ما فيها. أو التوراة إلا أماني استثناء منقطع. والأماني: جمع أمنية وهي في الأصل ما يقدره الإنسان في نفسه من منى إذا قدر، ولذلك تطلق على الكذب وعلى ما يتمنى وما يقرأ والمعنى لكن يعتقدون أكاذيب أخذوها تقليدا من المحرفين أو مواعيد فارغة. سمعوها منهم من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة. وقيل إلا ما يقرءون قراءة عارية عن معرفة المعنى وتدبره من قوله:
تمنى كتاب الله أول ليله... تمني داود الزبور على رسل
[ ص: 90 ] وهو لا يناسب وصفهم بأنهم أميون. وإن هم إلا يظنون ما هم إلا قوم يظنون لا علم لهم، وقد يطلق الظن بإزاء العلم على كل رأي واعتقاد من غير قاطع، وإن جزم به صاحبه: كاعتقاد المقلد والزائغ عن الحق لشبهة.
فويل أي تحسر وهلك. ومن قال إنه واد أو جبل في جهنم فمعناه: أن فيها موضعا يتبوأ فيه من جعل له الويل، ولعله سماه بذلك مجازا. وهو في الأصل مصدر لا فعل له وإنما ساغ الابتداء به نكرة لأنه دعاء. للذين يكتبون الكتاب يعني المحرفين، ولعله أراد به ما كتبوه من التأويلات الزائغة. بأيديهم تأكيد كقولك: كتبته بيميني ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا كي يحصلوا به عرضا من أعراض الدنيا، فإنه وإن جعل قليل بالنسبة إلى ما استوجبوه من العقاب الدائم. فويل لهم مما كتبت أيديهم يعني المحرف. وويل لهم مما يكسبون يريد به الرشى.