ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم
[ ص: 51 ]
ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب الخطاب لعامة المخلصين والمنافقين في عصره، والمعنى لا يترككم مختلطين لا يعرف مخلصكم من منافقكم حتى يميز المنافق من المخلص بالوحي إلى نبيه بأحوالكم، أو بالتكاليف الشاقة التي لا يصبر عليها ولا يذعن لها إلا الخلص المخلصون منكم، كبذل الأموال والأنفس في سبيل الله، ليختبر النبي به بواطنكم ويستدل به على عقائدكم.
وقرأ حمزة حتى يميز، هنا وفي «الأنفال» بضم الياء وفتح الميم وكسر الياء وتشديدها والباقون بفتح الياء وكسر الميم وسكون الياء. والكسائي وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء وما كان الله ليؤتي أحدكم علم الغيب فيطلع على ما في القلوب من كفر وإيمان، ولكن الله يجتبي لرسالته من يشاء فيوحي إليه ويخبره ببعض المغيبات، أو ينصب له ما يدل عليها. فآمنوا بالله ورسله بصفة الإخلاص، أو بأن تعلموه وحده مطلعا على الغيب وتعلموهم عبادا مجتبين لا يعلمون إلا ما علمهم الله ولا يقولون إلا ما أوحي إليهم.
روي (أن الكفرة قالوا: إن كان محمد صادقا فليخبرنا من يؤمن منا ومن يكفر فنزلت.
عن أنه عليه السلام قال: السدي «عرضت علي أمتي وأعلمت من يؤمن بي ومن يكفر» . فقال المنافقون إن يزعم أنه يعرف من يؤمن به ومن يكفر ونحن معه ولا يعرفنا فنزلت. وإن تؤمنوا حق الإيمان. وتتقوا النفاق. فلكم أجر عظيم لا يقادر قدره.