وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون
وما كان لنبي أن يغل وما صح لنبي أن يخون في الغنائم فإن يقال غل شيئا من المغنم يغل غلولا وأغل إغلالا إذا أخذه في خفية والمراد منه: إما براءة الرسول عليه السلام عما اتهم به إذ روي أن قطيفة حمراء فقدت يوم النبوة تنافي الخيانة، بدر فقال بعض المنافقين لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها، أو ظن به الرماة يوم أحد حين تركوا المركز للغنيمة وقالوا نخشى أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئا فهو له ولا يقسم الغنائم.
وإما المبالغة في النهي للرسول صلى الله عليه وسلم على ما روي أنه بعث طلائع، فغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم على من معه ولم يقسم للطلائع فنزلت.
فيكون تسمية حرمان بعض المستحقين غلولا تغليظا ومبالغة ثانية. وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي أن يغل على البناء للمفعول والمعنى: وما صح له أن يوجد غالا أو أن ينسب إلى الغلول. ويعقوب ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة يأت بالذي غله يحمله على عنقه كما جاء في الحديث. أو بما احتمل من وباله وإثمه. ثم توفى كل نفس ما كسبت يعني تعطى جزاء ما كسبت وافيا، وكان اللائق بما قبله أن يقال ثم يوفى ما كسبت لكنه عمم الحكم ليكون كالبرهان على المقصود والمبالغة فيه، فإنه إذا كان كل كاسب مجزيا بعمله فالغال مع عظم جرمه بذلك أولى. وهم لا يظلمون فلا ينقص ثواب مطيعهم ولا يزاد في عقاب عاصيهم.