إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا من العذاب، أو من الغناء فيكون مصدرا. وأولئك أصحاب النار ملازموها. هم فيها خالدون
مثل ما ينفقون ما ينفق الكفرة قربة، أو مفاخرة وسمعة، أو المنافقون رياء أو خوفا. في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر برد شديد والشائع إطلاقه للريح الباردة كالصرصر، فهو في الأصل مصدر نعت به أو نعت وصف به البرد للمبالغة كقولك برد بارد. أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي فأهلكته ، عقوبة لهم لأن الإهلاك عن سخط أشد، والمراد تشبيه ما أنفقوا في ضياعه بحرث كفار ضربته صر فاستأصلته ولم يبق لهم فيه منفعة ما في الدنيا والآخرة، وهو من التشبيه المركب ولذلك لم يبال بإيلاء كلمة التشبيه للريح دون الحرث، ويجوز أن يقدر كمثل مهلك ريح وهو الحرث. وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون أي ما ظلم المنفقين بضياع نفقاتهم، ولكنهم ظلموا أنفسهم لما لم ينفقوها بحيث يعتد بها، أو ما ظلم أصحاب الحرث بإهلاكه ولكنهم ظلموا أنفسهم بارتكاب ما استحقوا به العقوبة. وقرئ «ولكن» أي ولكن أنفسهم يظلمونها، ولا يجوز أن يقدر ضمير الشأن لأنه لا يحذف إلا في ضرورة الشعر كقوله: [ ص: 35 ]
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ... ولكن من يبصر جفونك يعشق