شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون
شهر رمضان مبتدأ خبره ما بعده، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره ذلكم شهر رمضان، أو بدل من الصيام على حذف المضاف أي كتب عليكم الصيام صيام شهر رمضان. وقرئ بالنصب على إضمار صوموا، أو على أنه مفعول، وأن تصوموا وفيه ضعف، أو بدل من أيام معدودات. والشهر: من الشهرة، ورمضان: مصدر رمض إذا احترق فأضيف إليه الشهر وجعل علما ومنع من الصرف للعلمية والألف والنون، كما منع دأية في ابن دأية علما للغراب للعلمية والتأنيث،
وقوله عليه الصلاة والسلام « » فعلى حذف المضاف لأمن الالتباس، وإنما سموه بذلك إما لارتماضهم فيه من حر الجوع والعطش، أو لارتماض الذنوب فيه، أو لوقوعه أيام رمض الحر حين ما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة. [ ص: 125 ] من صام رمضان الذي أنزل فيه القرآن أي ابتدئ فيه وكان ذلك ليلة القدر، أو أنزل فيه جملة إلى سماء الدنيا ثم نزل منجما إلى الأرض، أو أنزل في شأنه القرآن وهو قوله: إنزاله، كتب عليكم الصيام .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم « إبراهيم عليه السلام أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين، والإنجيل لثلاث عشرة، والقرآن لأربع وعشرين » نزلت صحف
والموصول بصلته خبر المبتدأ أو صفته والخبر فمن شهد، والفاء لوصف المبتدأ بما تضمن معنى الشرط. وفيه إشعار بأن الإنزال فيه سبب اختصاصه بوجوب الصوم. هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان حالان من القرآن، أن أنزل وهو هداية للناس بإعجازه وآيات واضحات مما يهدي إلى الحق، ويفرق بينه وبين الباطل بما فيه من الحكم والأحكام. فمن شهد منكم الشهر فليصمه فمن حضر في الشهر ولم يكن مسافرا فليصم فيه، والأصل فمن شهد فيه فليصم فيه، لكن وضع المظهر موضع المضمر الأول للتعظيم، ونصب على الظرف وحذف الجار ونصب الضمير الثاني على الاتساع. وقيل: فمن شهد منكم هلال الشهر فليصمه، على أنه مفعول به كقولك: شهدت الجمعة أي صلاتها فيكون ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر مخصصا له، لأن المسافر والمريض ممن شهد الشهر ولعل تكريره لذلك، أو لئلا يتوهم نسخه كما نسخ قرينه. يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر أي يريد أن ييسر عليكم ولا يعسر عليكم، فلذلك أباح الفطر في السفر والمرض. ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون علل لفعل محذوف دل عليه ما سبق، أي وشرع جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر والمرخص بالقضاء ومراعاة عدة ما أفطر فيه، والترخيص ولتكملوا العدة إلى آخرها على سبيل اللف، فإن قوله ولتكملوا العدة علة الأمر بمراعاة العدة، ولتكبروا الله علة الأمر بالقضاء وبيان كيفيته، ولعلكم تشكرون علة الترخيص والتيسير. أو الأفعال كل لفعله، أو معطوفة على علة مقدرة مثل ليسهل عليكم، أو لتعلموا ما تعلمون ولتكملوا العدة، ويجوز أن يعطف على اليسر أي ويريد بكم لتكملوا كقوله تعالى: يريدون ليطفئوا نور الله . والمعني بالتكبير تعظيم الله بالحمد والثناء عليه، ولذلك عدي بعلى. وقيل تكبير يوم الفطر، وقيل التكبير عند الإهلال وما يحتمل المصدر، والخبر أي الذي هداكم إليه وعن برواية عاصم « ولتكملوا » بالتشديد. أبي بكر