من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم
من كفر بالله من بعد إيمانه بدل من الذين لا يؤمنون وما بينهما اعتراض ، أو من (أولئك) أو من الكاذبون ، أو مبتدأ خبره محذوف دل عليه قوله : فعليهم غضب ويجوز أن ينتصب بالذم وأن تكون من شرطية محذوفة الجواب دل عليه قوله : إلا من أكره على الافتراء أو كلمة الكفر ، استثناء متصل لأن الكفر لغة يعم القول والعقد كالإيمان . وقلبه مطمئن بالإيمان لم تتغير عقيدته ، وفيه دليل على أن الإيمان هو التصديق بالقلب . ولكن من شرح بالكفر صدرا اعتقده وطاب به نفسا . فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم إذ لا أعظم من جرمه .
روي قريشا أكرهوا عمارا وأبويه ياسرا وسمية على الارتداد ، فربطوا سمية بين بعيرين وجيء بحربة في قبلها وقالوا : إنك أسلمت من أجل الرجال فقتلت ، وقتلوا ياسرا وهما أول قتيلين في الإسلام ، وأعطاهم بلسانه ما أرادوا مكرها فقيل : يا رسول الله إن عمار عمارا كفر فقال : كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه ويقول : ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت) عمار . وهو دليل على جواز (أن وإن كان الأفضل أن يتجنب عنه إعزازا للدين كما فعله أبواه لما روي التكلم بالكفر عند الإكراه (أن مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما : ما تقول في محمد ؟ قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فما تقول في فقال : أنت أيضا فخلاه ، وقال للآخر ما تقول في محمد قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال فما تقول في ؟ قال : أنا أصم ، فأعاد عليه [ ص: 242 ] ثلاثا فأعاد جوابه فقتله ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أما الأول فقد أخذ برخصة الله ، وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له) .