وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال
وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي كعاد وثمود ، وأصل سكن أن يعدى بفي كقر وغني وأقام ، وقد يستعمل بمعنى التبويء فيجري مجراه كقولك سكنت الدار . وتبين لكم كيف فعلنا بهم بما تشاهدونه في منازلهم من آثار ما نزل بهم وما تواتر عندكم من أخبارهم . وضربنا لكم الأمثال من أحوالهم أي بينا لكم أنكم مثلهم في الكفر واستحقاق العذاب ، أو صفات ما فعلوا وفعل بهم التي هي في الغرابة كالأمثال المضروبة .
وقد مكروا مكرهم المستفرغ فيه جهدهم لإبطال الحق وتقرير الباطل . وعند الله مكرهم ومكتوب عنده فعلهم فهو مجازيهم عليه ، أو عنده ما يمكرهم به جزاء لمكرهم وإبطالا له . وإن كان مكرهم في العظم والشدة . لتزول منه الجبال مسوى لإزالة الجبال . وقيل إن نافية واللام مؤكدة لها كقوله : وما كان الله ليعذبهم على أن الجبال مثل لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ونحوه . وقيل مخففة من الثقيلة والمعنى أنهم مكروا ليزيلوا ما هو كالجبال الراسية ثباتا وتمكنا من آيات الله تعالى وشرائعه . وقرأ (لتزول) بالفتح والرفع على أنها المخففة واللام هي الفاصلة ، ومعناه تعظيم مكرهم . وقرئ بالفتح والنصب على لغة من يفتح لام كي وقرئ و « إن كاد مكرهم » . الكسائي