[ ص: 374 ] ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون
فرادى : منفردين عن أموالكم ، وأولادكم ، وما حرصتم عليه ، وآثرتموه من دنياكم ، وعن أوثانكم التي زعمتم أنها شفعاؤكم ، وشركاء لله كما خلقناكم أول مرة : على الهيئة التي ولدتم عليها في الانفراد وتركتم ما خولناكم : ما تفضلنا به عليكم في الدنيا ، فشغلتم به عن الآخرة وراء ظهوركم : لم ينفعكم ، ولم تحتملوا منه نقيرا ، ولا قدمتموه لأنفسكم فيكم شركاء : في استبعادكم ; لأنهم حين دعوهم آلهة وعبدوها ، فقد جعلوها لله شركاء فيهم ، وفي استعبادهم .
وقرئ : " فرادى " بالتنوين ، و “ فراد" ، مثل : ثلاث ، و “ فردى" ، نحو : " سكرى" .
فإن قلت : كما خلقناكم ، في أي محل هو؟
قلت : في محل النصب صفة لمصدر جئتمونا ، أي : مجيئنا مثل خلقنا لكم تقطع بينكم : وقع التقطع بينكم ، كما تقول : جمع بين الشيئين ، تريد أوقع الجمع بينهما على إسناد الفعل إلى مصدره بهذا التأويل : ومن رفع فقد أسند الفعل إلى الظرف ، كما تقول : قوتل خلفكم وأمامكم ، وفي قراءة عبد الله : " لقد تقطع ما بينكم" .