[ ص: 48 ] ألم يأن من أنى الأمر يأني، إذا جاء إناه، أي: وقته. وقرئ: "ألم يئن" من آن يئين بمعنى: أنى يأنى، وألما يأن، قيل: كانوا مجدبين بمكة، فلما هاجروا أصابوا الرزق والنعمة ففتروا عما كانوا عليه، فنزلت. وعن : ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبتا بهذه الآية إلا أربع سنين. وعن ابن مسعود - رضي الله عنهم -: إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن. وعن ابن عباس - رضي الله عنه -: أما والله لقد استبطأهم وهم يقرءون من القرآن أقل مما تقرءون. فانظروا في طول ما قرأتم منه وما ظهر فيكم من الفسق. الحسن
وعن - رضي الله عنه - أن هذه الآية قرئت بين يديه وعنده قوم من أهل أبي بكر اليمامة، فبكوا بكاء شديدا، فنظر إليهم فقال: هكذا كنا حتى قست القلوب. وقرئ: نزل ونزل. وأنزل. "ولا يكونوا" عطف على تخشع، وقرئ بالتاء على الالتفات، ويجوز أن يكون نهيا لهم عن مماثلة أهل الكتاب في قسوة القلوب بعد أن وبخوا، وذلك أن بني إسرائيل كان الحق يحول بينهم وبين شهواتهم، وإذا سمعوا التوراة والإنجيل خشعوا لله ورقت قلوبهم، فلما طال عليهم الزمان غلبهم الجفاء والقسوة واختلفوا وأحدثوا ما أحدثوا من التحريف وغيره. فإن قلت: ما معنى: لذكر الله وما نزل من الحق ؟ قلت: يجوز أن يراد بالذكر وبما نزل من الحق: القرآن; لأنه جامع للأمرين: للذكر والموعظة، وأنه حق نازل من السماء، وأن يراد خشوعها إذا ذكر الله وإذا تلي القرآن كقوله تعالى: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا أراد بالأمد: الأجل، كقوله "من الخفيف":
.............. إذا انتهى أمده
وقرئ: "الأمد"، أي: الوقت الأطول وكثير منهم فاسقون خارجون عن دينهم [ ص: 49 ] رافضون لما في الكتابين.