فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين وأنذر عشيرتك الأقربين
قد علم أن ذلك لا يكون ، ولكنه أراد أن يحرك منه لازدياد الإخلاص والتقوى . وفيه لطف لسائر المكلفين ، كما قال : ولو تقول علينا بعض الأقاويل [الحاقة : 44 ] ، فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ، فيه وجهان : أحدهما أن يؤمر بإنذار الأقرب فالأقرب من قومه ، ويبدأ في ذلك بمن هو أولى بالبداءة ، ثم بمن يليه . وأن يقدم إنذارهم على إنذار غيرهم ، كما روي عنه عليه السلام : مكة قال : "كل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ، وأول ما أضعه ربا العباس والثاني : أن يؤمر بأن لا يأخذه ما يأخذ القريب للقريب من العطف والرأفة ، ولا يحابيهم في الإنذار والتخويف . وروي أنه لما دخل الصفا -لما نزلت- فنادى الأقرب فالأقرب فخذا فخذا ، وقال : "يا بني عبد المطلب ، يا بني هاشم ، يا بني عبد مناف ، يا عم النبي يا عباس ، إني لا أملك لكم من الله شيئا ، سلوني من مالي ما شئتم " صفية عمة رسول الله . وروي أنه صعد بني عبد المطلب وهم [ ص: 420 ] يومئذ أربعون رجلا : الرجل منهم يأكل الجذعة ، ويشرب العس على رجل شاة وقعب من لبن ، فأكلوا وشربوا حتى صدروا ، ثم أنذرهم فقال : "يا بني عبد المطلب ، لو أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم . قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ، وروي أنه "أنه جمع قال : "يا بني عبد المطلب ، يا بني هاشم ، يا بني عبد مناف ، افتدوا أنفسكم من النار فإني لا أغني عنكم شيئا" ثم قال : "يا ، [ ص: 421 ] ويا عائشة بنت أبي بكر ، ويا حفصة بنت عمر ، ويا فاطمة بنت محمد ، اشترين أنفسكن من النار فإني لا أغني عنكن شيئا " صفية عمة محمد .