يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين
قوله عز وجل: يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول وهذا الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله أصحابه يوم بدر عن الأنفال. وفي هذه الأنفال التي سألوه عنها خمسة أقاويل: أحدها: أنها الغنائم ، وهذا قول ، ابن عباس ، وعكرمة ، وقتادة . والضحاك
الثاني: أنها السرايا التي تتقدم الجيش ، وهذا قول . الحسن
الثالث: الأنفال ما ند من المشركين إلى المسلمين بغير قتال من دابة أو عبد ، وهذا أحد قولي . ابن عباس
الرابع: أن الأنفال الخمس من الفيء والغنائم التي جعلها الله تعالى لأهل الخمس ، وهذا قول . [ ص: 293 ] الخامس: أنها زيادات يزيدها الإمام بعض الجيش لما قد يراه من الصلاح. والأنفال جمع نفل ، وفي النفل قولان: أحدهما: أنه العطية ، ومنه قيل للرجل الكثير العطاء: نوفل ، قال الشاعر: مجاهد
يأتي الظلامة منه النوفل الزفر
فالنوفل: الكثير العطاء. والزفر: الحمال للأنفال ، ومنه سمي الرجل زفر. والقول الثاني: أن النفل الزيادة من الخير ومنه صلاة النافلة. قال لبيد بن ربيعة:
إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن الله ريثي وعجل
واختلفوا في على أربعة أقاويل: أحدها: ما رواه سبب نزول هذه الآية قال: ابن عباس لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذا وكذا فله كذا وكذا فسارع إليه الشبان وبقي الشيوخ تحت الرايات ، فلما فتح الله تعالى عليهم جاءوا يطلبون ما جعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا فإنا كنا ردءا لكم ، فأنزل الله تعالى يسألونك عن الأنفال الآية.
الثاني: محمد بن عبيد بن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكتيفة فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: هبه لي يا رسول الله ، فقال: (اطرحه في [ ص: 294 ] القبض فطرحته ورجعت وبي من الغم ما لا يعلمه إلا الله تعالى من قتل أخي وأخذ سلبي ، قال: فما تجاوزت إلا قريبا حتى نزلت عليه سورة الأنفال فقال: (اذهب فخذ سيفك) . سعيد بن العاص بن أمية ما روى
الثالث: أنها نزلت في المهاجرين والأنصار ممن شهد بدرا فاختلفوا وكانوا أثلاثا فنزلت يسألونك عن الأنفال الآية. فملكه الله رسوله فقسمه كما أراه الله ، قاله عكرمة والضحاك . والرابع: أنهم لم يعلموا حكمها وشكوا في إحلالها لهم مع تحريمها على من كان قبلهم فسألوا عنها ليعلموا حكمها من تحليل أو تحريم فأنزل الله تعالى هذه الآية. ثم اختلف أهل العلم في نسخ هذه الآية على قولين: أحدهما: أنها منسوخة بقوله تعالى: وابن جريج واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول [الأنفال: 41] .
الآية ، قاله ، عكرمة ، ومجاهد . والقول الثاني: أنها ثابتة الحكم ومعنى ذلك; قل الأنفال لله ، وهي لا شك لله مع الدنيا بما فيها والآخرة ، والرسول يضعها في مواضعها التي أمره الله بوضعها فيها ، قاله والسدي . ابن زيد فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فيه وجهان: أحدهما: أن يرد أهل القوة على أهل الضعف.
الثاني: أن يسلموا لله وللرسول ليحكما في الغنيمة بما شاء الله.