وجوز كون ( الأغلال ) مبتدأ والسلاسل عطف عليه والجملة خبر المبتدأ ( وفي أعناقهم ) في موضع الحال ، ولا يخفى حاله ، وقرأ ابن مسعود وابن عباس وزيد بن علي «والسلاسل يسحبون » بنصب السلاسل وبناء يسحبون للفاعل فيكون السلاسل مفعولا مقدما ليسحبون ، والجملة معطوفة على ما قبلها ، ولا بأس بالتفاوت اسمية وفعلية . وابن وثاب
وقرأت فرقة منهم في رواية «والسلاسل » بالجر ، وخرج ذلك ابن عباس على الجر بخافض محذوف كما في قوله : الزجاج
أشارت كليب بالأكف الأصابع
أي وبالسلاسل كما قرئ به أو في السلاسل كما في مصحف ، أبي على العطف بحسب المعنى إذ الأغلال في أعناقهم بمعنى أعناقهم في الأغلال ، ونظيره قوله : والفراء
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلا ببين غرابها
[ ص: 86 ] ويسمى في غير القرآن عطف التوهم ، وذهب إلى هذا التخريج الزمخشري ، وابن عطية بعد أن ضعف تخريج وابن الأنباري خرج القراءة على ما قال الزجاج قال : وهذا كما تقول : خاصم عبد الله زيد العاقلين بنصب العاقلين ورفعه لأن أحدهما إذا خاصم صاحبه فقد خاصم الآخر ، وهذه المسألة لا تجوز عند البصريين ونقل جوازها عن الفراء محمد بن سعدان الكوفي قال : لأن كل واحد منهما فاعل مفعول ثم في النار يسجرون يحرقون ظاهرا وباطنا من سجر التنور إذا ملأه إيقادا ويكون بمعنى ملأه بالحطب ليحميه ، ومنه السجير للصديق الخليل كأنه سجر بالحب أي ملئ ، ويفهم من القاموس أن السجر من الأضداد ، وكلا الاشتقاقين مناسب في السجير أي ملئ من حبك أو فرغ من غيرك إليك والأول أظهر .
والمراد بهذا وما قبله أنهم معذبوهم بأنواع العذاب سحبهم على وجوههم في النار الموقدة ثم تسليط النار على باطنهم وأنهم يعذبون ظاهرا وباطنا فلا استدراك في ذكر هذا بعد ما تقدم .