فسجد الملائكة أي فخلقه فسواه فنفخ فيه الروح فسجد له الملائكة، كلهم بحيث لم يبق أحد منهم إلا سجد، أجمعون أي بطريق المعية بحيث لم يتأخر أحد منهم عن أحد، فكل للإحاطة، وأجمع للاجتماع، ولا اختصاص لإفادته ذلك بالحالية خلافا لبعضهم، وتحقيقه على ما في الكشف أن الاشتقاق الواضح يرشد إلى أن فيه معنى الجمع والضم، والأصل في الإطلاق الخطابي التنزيل على أكمل أحوال الشيء ولا [ ص: 225 ] خفاء في أن الجمع في وقت واحد أكمل أصنافه، لكن لما شاع استعماله تأكيدا أقيم مقام كل في إفادة الإحاطة من غير نظر إلى الكمال، فإذا فهمت الإحاطة بلفظ آخر لم يكن بد من ملاحظة الأصل صونا للكلام عن الإلغاء، ولو سلم، فكل تأكيد الشمول بإخراجه عن الظهور إلى النصوص، " وأجمعون " تأكيد ذلك التأكيد فيفيد أتم أنواع الإحاطة، وهو الإحاطة في وقت واحد، واستخراج هذه الفائدة من جعله كإقامة المظهر مقام المضمر لا يلوح وجهه، والنقض بقوله سبحانه: لأغوينهم أجمعين منشؤه عدم تصور وجه الدلالة، وظاهر هذه الآية وآية الحجر أن سجودهم مترتب على ما حكي من الأمر التعليقي، وكثير من الآيات الكريمة كالتي في البقرة والأعراف وغيرهما ظاهرة في أنه مترتب على الأمر التنجيزي، وقد مر تحقيق ذلك فليراجع.