وقوله تعالى: وإن للمتقين لحسن مآب أي مرجع، شروع في بيان أجرهم الجزيل في الآجل بعد بيان ذكرهم الجميل في العاجل، والمراد بالمتقين إما الجنس وهم داخلون فيه دخولا أوليا، وإما نفس المذكورين عبر عنهم بذلك مدحا لهم بالتقوى التي هي الغاية القصوى في الكمال، والجملة فيما أرى عطف على الجملة قبلها، كأنه قيل: هذا شرف لهم في الدنيا، وأن لهم ولأضرابهم أو إن لهم في الآخرة لحسن مآب، أو هي من قبيل عطف القصة على القصة، وقال الشهاب الخفاجي عليه الرحمة: هي حالية، ولم يبين صاحب الحال، ويبعد أن يكون (ذكرا) لأنه نكرة متقدمة وأن يكون هذا لأنه مبتدأ، ومع ذلك في المعنى على تقدير الحالية خفاء، وقال بعض أجلة المعاصرين: إنه أراد أن الكلام على معنى والحال كذا، أي الأمر والشأن كذا، ولم يرد أن الجملة حال بالمعنى المعروف الذي يقتضي ذا حال وعاملا في الحال إلى غير ذلك، وادعى أن الأمر كذلك في كل جملة يقال إنها حال، وليس فيها ضمير يعود على ما قبلها نحو: جاء زيد والشمس طالعة، وقال: إنه الذي ينبغي أن يعول عليه، وإن لم يذكره النحويون اهـ، والحال لا يخفى على ذي تمييز، وإضافة (حسن) إلى مآب من إضافة الصفة إلى الموصوف، إما بتأويل مآب ذي حسن، أو حسن، وإما بدونه قصدا للمبالغة.