وقوله تعالى: ليوفيهم أجورهم متعلق عند بعض بما دل عليه لن تعلق ( بنعمة ربك ) في قوله تعالى: ما أنت بنعمة ربك بمجنون [القلم: 2] بما دل عليه (ما) لا بالحرف إذ لا يتعلق الجار به على المشهور أي ينتفي الكساد عنها وتنفق عند الله تعالى ليوفيهم أجور أعمالهم.
ويزيدهم من فضله على ذلك من خزائن رحمته ما يشاء، وعن أبي وائل زيادته تعالى إياهم بتشفيعهم فيمن أحسن إليهم، وقال : بتفسيح القلوب، وفي الحديث بتضعيف حسناتهم، وقيل بالنظر إلى وجهه تعالى الكريم. الضحاك
والظاهر أن من فضله راجع لما عنده ففيه إشارة إلى أن توفية أجورهم كالواجب لكونه جزاء لهم بوعده سبحانه، ويجوز أن يكون راجعا إليهما أو متعلق بمقدر يدل عليه ما قبله وهو ما عد من أفعالهم المرضية، أي فعلوا ذلك ليوفيهم أجورهم الخ، وجوز تعلقه بما قبله على التنازع، وصنيع يشعر باختيار تعلقه ب (يرجون) وجعل اللام عليه لام الصيرورة، ويعقب بأنه لا مانع من جعلها لام العلة كما هو الشائع الكثير ولا يظهر للعدول عنه وجه. أبي البقاء
ووجه ذلك الطيبي بأن غرضهم فيما فعلوا لم يكن سوى تجارة غير كاسدة لأن صلة الموصول هنا علة وإيذان بتحقق الخبر، ولما أدى ذلك إلى أن وفاهم الله تعالى أجورهم أتى باللام، وإنما لم يذهب إليه بعض الأجلة كالزمخشري لأن هذه اللام لا توجد إلا فيما يترتب الثاني الذي هو مدخولها على الأول ولا يكون مطلوبا نحو قوله تعالى: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا [القصص: 8].
وقوله تعالى: إنه غفور شكور تعليل لما قبله من التوفية والزيادة عند الكثير أي غفور لفرطات المطيعين شكور لطاعاتهم، أي مجازيهم عليها أكمل الجزاء فيوفي هؤلاء أجورهم ويزيدهم من فضله، وجوز أن يكون خبرا بعد خبر، والعائد محذوف أي لهم، وجوز أن يكون هو الخبر بتقدير العائد وجملة ( يرجون ) حال من ضمير ( أنفقوا ) بناء على أن القيد المتعقب لأمور متعددة يختص بالأخير كما هو مذهب رضي الله تعالى عنه أو على أن رجاء التجارة النافقة أوفق بالإنفاق أو من مقدر أي فعلوا جميع ذلك راجين. أبي حنيفة
واستظهره الطيبي ، والجملة عليه معترضة فلا يرد أن فيه الفصل بين المبتدأ وخبره بأجنبي، وجوز أن يكون حالا من ضمير ( الذين ) على سبيل التنازع، ولم يشتهر التنازع في الحال وأنا لا أرى فيه بأسا، واستظهر بعض المعاصرين جعل الجملة المذكورة حالا من ضمير ( أنفقوا ) لقربه وشدة الملاءمة بين الإنفاق ورجاء تجارة لها نفاق ولا يبعد أن يكون قد حذف فيما تقدم نظيرها لدلالتها عليه، وجعل ليوفيهم متنازعا فيه للأفعال الثلاثة المتعاطفة أو جعل الجملة حالا من مقدر كما سمعت آنفا وليوفيهم متعلقا ب (يرجون)، وجملة إنه غفور شكور خبر المبتدأ والربط محذوف، وفي جملة يرجون إلخ احتمال الاستعارة التمثيلية ولو على بعد ولم أر من أشار إليه، فتدبر.