إلا من تاب وآمن وعمل صالحا استثناء منقطع عند . وقال في البحر : ظاهره الاتصال ، وأيد بذكر الإيمان كون الآية في الكفرة أو عامة لهم ولغيرهم لأن من آمن لا يقال إلا لمن كان كافرا إلا بحسب التغليظ ، وحمل الإيمان على الكامل خلاف الظاهر ، وكذا كون المراد إلا من جمع التوبة والإيمان ، وقيل : المراد من الإيمان الصلاة كما في قوله تعالى : الزجاج وما كان الله ليضيع إيمانكم ويكون ذكره في مقابلة إضاعة الصلاة وذكر العمل الصالح في مقابلة اتباع الشهوات (فأولئك) المنعوتون بالتوبة والإيمان والعمل الصالح يدخلون الجنة بموجب الوعد المحتوم ، ولا يخفى ما في ترك التسويف مع ذكر أولئك من اللطف .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر (يدخلون) بالبناء للمفعول من أدخل . وقرأ ويعقوب ابن غزوان عن ( سيدخلون ) بسين الاستقبال مبنيا للفاعل طلحة ولا يظلمون شيئا أي لا ينقصون من جزاء أعمالهم شيئا أو لا ينقصون شيئا من النقص ، وفيه تنبيه على أن فعلهم السابق لا يضرهم ولا ينقص أجورهم . واستدل المعتزلة بالآية على أن العمل شرط دخول الجنة . وأجيب بأن المراد يدخلون الجنة بلا تسويف بقرينة المقابلة وذلك بتنزيل الزمان السابق على الدخول لحفظهم فيه عما ينال غيرهم منزلة العدم فيكون العمل شرطا لهذا الدخول لا للدخول مطلقا ، وأيضا يجوز أن يكون شرطا لدخول جنة عدن لا مطلق الجنة ، وقيل هو شرط لعدم نقص شيء من ثواب الأعمال وهو كما ترى ، وقيل غير ذلك . واعترض بعضهم على القول بالشرطية بأنه يلزم أن لا يكون من تاب وآمن ولم يتمكن من العمل الصالح يدخل الجنة . وأجيب بأن ذلك من الصور النادرة، والأحكام إنما تناط بالأعم الأغلب فتأمل .