حتى إذا الكلاب قال لها كاليوم مطلوبا ولا طالبا
فإن أصله لم أر مطلوبا كمطلوب رأيته اليوم ولا طلبة كطلبة رأيتها اليوم فاختصر الكلام فقيل: لم أر مطلوبا كمطلوب اليوم لملابسته له ثم حذف المضاف اتساعا وعدم الباس ، وقيل : كاليوم وقدم على الموصوف فصار [ ص: 134 ] حالا للاعتناء والمبالغة وحذف الفعل للقرينة الحالية ووجه الشبه المعمولية لفعل محذوف ، وقوله سبحانه : كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا إلخ تفسير للتشبيه وبيان لوجه الشبه بين المخاطبين ومن قبلهم فلا محل لها من الإعراب ، وفيه إيذان بأن المخاطبين أولى وأحق بأن يصيبهم ما أصابهم فاستمتعوا بخلاقهم أي تمتعوا بنصيبهم من ملاذ الدنيا ، وفي صيغة الاستفعال ما ليس في التفعل من الاستفادة والاستدامة في التمتع ، واشتقاق الخلاق من الخلق بمعنى التقدير وهو أصل معناه لغة فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم ذم الأولين باستمتاعهم بحظوظهم الخسيسة من الشهوات الفانية والتهائهم فيها عن النظر في العاقبة والسعي في تحصيل اللذائذ الحقيقية تمهيدا لذم المخاطبين بمشابهتهم واقتفاء أثرهم ، ولذلك اختير الإطناب بزيادة فاستمتعوا بخلاقهم وهذا كما تريد أن تنبه بعض الظلمة على سماجة فعله فتقول أنت مثل فرعون كان يقتل بغير جرم ويعذب ويعسف وأنت تفعل مثله ، ومحل الكاف النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي استمتعتم استمتاعا كاستمتاع الذين ( وخضتم ) أي دخلتم في الباطل كالذي خاضوا أي كالذين فحذفت نونه تخفيفا كما في قوله :إن الذين حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد
وإيراد اسم الإشارة في الموضعين للأشعار بعلية الأوصاف المشار إليها للحبط والخسران .