وأرعن مثل الطود تحسب أنه وقوف لجاج والركاب تهملج
ويجمع على زحوف لأنه خرج عن المصدرية، ونصبه إما على أنه حال من مفعول لقيتم أي: زاحفين نحوكم أو على مصدر مؤكد لفعل مضمر هو الحال منه أي: يزحفون زحفا. وجوز كونه حالا من فاعله أو منه ومن مفعوله معا، واعترض بأنه يأباه قوله تعالى: فلا تولوهم الأدبار إذ لا معنى لتقييد النهي عن الأدبار بتوجههم السابق إلى العدو وبكثرتهم بل توجه العدو إليهم وكثرتهم هو الداعي إلى الأدبار عادة والمحوج إلى النهي، وحمله على الإشعار بما سيكون منهم يوم حنين حين تولوا وهم اثنا عشر ألفا بعيد. انتهى.وأجيب بأن المراد بالزحف ليس إلا المشي للقتال من دون اعتبار كثرة أو قلة وسمي المشي لذلك به لأن الغالب عند ملاقاة الطائفتين مشي إحداهما نحو الأخرى مشيا رويدا، والمعنى: إذا لقيتم الكفار ماشين لقتالهم متوجهين لمحاربتهم أو ماشيا كل واحد منكم إلى صاحبه فلا تدبروا، وتقييد النهي بذلك لإيضاح المراد بالملاقاة ولتفظيع أمر الإدبار لما أنه مناف لتلك الحال، كأنه قيل: حيث أقبلتم فلا تدبروا وفيه تأمل. والمراد من تولية [ ص: 181 ] الأدبار الانهزام؛ فإن المنهزم يولي ظهره من انهزم منه، وعدل عن لفظ الظهور إلى الأدبار تقبيحا للانهزام وتنفيرا عنه. وقد يقال: الآية على حد: ولا تقربوا الزنا والمعنى على تقدير الحالية من المفعول كما هو الظاهر، واعتبار الكثرة في الزحف وكونها بالنسبة إليهم يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم أعداءكم الكفرة للقتال وهم جمع جم وأنتم عدد نزر فلا تولوهم أدباركم فضلا عن الفرار بل قابلوهم وقاتلوهم مع قلتكم فضلا عن أن تدانوهم في العدد أو تساووهم