( تنبيه ) : أدخل المصنف في التوضيح في الخطأ مسألة من صام تسعة وخمسين ، ثم أصبح معتقدا للتمام ، وهي من التفرقة نسيانا ، والله أعلم ، ثم فرع المصنف مسألة اليومين ، فقال : فإن صامهما ، والأربعة ، وصورة المسألة أنه لم يدر بعد صوم أربعة عن ظهارين موضع يومين صامهما ، وقضى شهرين ، وإن لم يدر اجتماعهما فتارة يذكر أنهما مجتمعان ، وتارة لا يدري هل هما مجتمعان أم مفترقان فإذا علم اجتماعهما فتارة يعلم أنهما ليس يوم من الأولى ، ويوم من الآخرة ، وتارة لا يعلم ذلك ، هذه صورة المسألة ، وأما حكمها ، فهي على ما قلنا إن الفطر ناسيا لا يقطع ، وإنما يقطع تفرقة النسيان بصوم يومين ، وشهرين فقط في جميع الصور أما اليومان ، فلاحتمال أن يكون اليومان اللذان أفطرهما من الأخيرة سواء كانا مجتمعين إما في أولها أو في آخرها أو في وسطها أو واحد من أولها ، وواحد من آخرها أو يكون منها يوم واحد فقط ، فيقضي يومين بعدها متصلا ، وأما الشهران فلاحتمال أن يكون اليومان من الأولى سواء كانا مجتمعين أو مفترقين أو يوم منها ، ويوم من الأخيرة ; لأنه كان الواجب عليه أن يصومهما إن كانا يومين أو واحدا إن كان واحدا عقيب فراغه منهما ، فلما فصل بينهما بالكفارة الثانية لزمه أن يبتدئهما ، والله أعلم . صام أربعة أشهر عن ظهارين ، ثم ذكر بعد فراغه أنه ناس ليومين
، وكذا قال ابن شاس وابن بشير : أنه إنما يلزمه شهران ، ويومان كان يعلم اجتماعهما أم لا يعلم ، وفرعنا ذلك على القول بأن النسيان يبطل ، وفرعنا على القول بأن التفرقة نسيانا لا تبطل أنه إنما يلزمه يومان ، وفرض ابن رشد المسألة في البيان في يومين ، ولم يذكر اجتماعا ، ولا افتراقا إلا أنه يقال من كلامه إنهما مجتمعان ، وأما على ما قال المؤلف : من أن الفطر نسيانا يقطع التتابع ، فقالوا يصوم اليومين ، والأربعة الأشهر إذا كان لا يدري اجتماعهما ، ووجه لزوم اليومين عند ابن القاسم على ما قال ابن عبد السلام : هو أنه يقول احتمال اجتماع اليومين ، وكونهما من الكفارة الأخيرة قائم ، فلا بد من رعيه ، فيصوم اليومين ، ثم يبقى احتمال افتراقهما ، فيصوم أربعة أشهر ، وبالجملة ابن القاسم يراعي كل احتمال انتهى كلام ابن عبد السلام ، وقال ابن عبد السلام : أيضا ، وتبعه المؤلف ، واعلم أنه إنما يحتاج إلى صيام الأربعة أشهر في هذه الصورة إذا شك في أمسه هل هو من اليومين اللذين ذكرهما ، وأما إن تحقق أن اليومين سابقان على ذلك ، فيحتسب بالعدد الذي تحقق أنه صامه ، وإن لم يتخلله فطر ، ويبني عليه بقية الأربعة أشهر ، والله أعلم انتهى كلام ابن عبد السلام .
قالوا أما إن علم اجتماعهما فلا يصوم إلا يومين ، وشهرين قال في التوضيح : يصوم يومين لاحتمال أن يكونا من الأخيرة ، فلا ينتقل عنها ، وهو قادر على تمامها ، ويقضي شهرين لاحتمال أن يكونا من الأولى أو أحدهما من الأولى ، والآخر من الثانية انتهى ، وانظر هذا التعليل الذي قاله إنما يستقيم على أن الفطر ناسيا لا يقطع التتابع ، وأما إذا قلنا أنه يقطع التتابع ، فلا فائدة لصوم اليومين ; لأنه قد انقطع التتابع بالفطر ناسيا ، فلا يبني إلا على ما صامه بعد ذلك ، ويكمل عليه فتأمله ، والله أعلم .
وقد نقل صاحب الشامل عن المدونة القطع بالنسيان ، وهو غريب ، وانظر كلام أبي الحسن الصغير .