ص ( ، وفيها ، ونسيان ، ثم قال : وشهر أيضا القطع بالنسيان )
ش : يعني أن من لم ينقطع تتابع صومه على مذهب المدونة ، وشهر أنه ينقطع ، وهكذا حله الشارحان ، ونحوه في التوضيح ، وذكر فيه أن المشهر للقول بالقطع هو صاحب البيان فأما ما نسبه للمدونة ، فهو في كتاب الظهار ، ونصه ، ومن أكل ناسيا في صوم ظهار أو قتل نفس أو نذر متتابع أو أكره على الفطر أو تقايأ أو ظن أن الشمس قد غربت فأكل أو أكل بعد الفجر ، ولم يعلم أو وطئ نهارا غير التي ظاهر منها ناسيا فليقض في ذلك يوما يصله ، فإن لم يفعل ابتدأ الصوم من أوله انتهى قال أكل ناسيا في صوم ظهاره ابن ناجي في شرحها : ما ذكره في النسيان ، والإكراه لا أعلم فيه خلافا انتهى ، وأما ما ذكره من تشهير القول بالقطع بالنسيان ففيه [ ص: 129 ] إجمال وكلامه في التوضيح يقتضي أن صاحب البيان قال في مسألة المدونة : هذه أعني من أكل ناسيا ، ثم قضى يوما وصله بصيامه : أن المشهور فيها القطع ; لأنه قال في التوضيح في قول أشهب ، وفي الخطأ ، والسهو ثالثها ينقطع بالخطأ ، والمشهور لا ينقطع ، ولو بوطء غيرها ، ويقضيه متصلا يعني اختلف هل ينقطع التتابع بالفطر سهوا كمن أفطر في يوم ناسيا أو خطأ كمن صام تسعة ، وخمسين يوما ، ثم أصبح مفطرا معتقدا أنه أكمل الصوم ، وكمن اعتقد أن الشمس غربت فأكل أو الفجر لم يطلع فأكل ، ثم تبين له خلاف ما اعتقده ؟ على ثلاثة أقوال الأول أنه ينقطع في السهو ، والخطأ ، وهو ابن الحاجب في الموازية نص فيه على القطع بالفطر ناسيا لمالك اللخمي ، وغيره ، وعليه ، فينقطع بالفطر خطأ
وفي البيان مشهور المذهب أنه لا يعذر بالنسيان في كفارة القتل ، والظهار ، والقول الثاني أنه لا ينقطع بهما قال المصنف : وهو المشهور ، وإنما عزاه اللخمي وصاحب البيان ، وغيرهما لابن عبد الحكم ، وقوله ولو بوطء غيرها يعني إن عذر في الوطء فأحرى في الأكل ، والشرب ، والقول الثالث : لا ينقطع بالسهو ; لأنه يعرض في كل جزء من أجزاء الصوم فيعسر التحرز منه بخلاف الخطأ ، وبعضهم يرى هذا الثالث ظاهر المذهب ذكره فيما إذا أصبح مفطرا بعد تسعة ، وخمسين معتقدا الإتمام ، وقوله ، ويقضيه أي ، وإذا فرعنا على عدم القطع ، وهو ظاهر انتهى كلامه برمته ، واعلم أن هنا شيئين أحدهما الفطر ناسيا ، والثاني تفرقة صوم الظهار نسيانا كما إذا صام بعض الصوم ، ثم نسي التتابع فأفطر يوما أو يومين أو أكثر ، ثم ذكر أنه لم يكمل الصيام ، وكمن أفطر لعذر ، ثم لم يصل القضاء نسيانا ، والذي قال فيه صاحب البيان : يبطل التتابع على المشهور ، هو الثاني لا الأول يظهر لك ذلك بكلامه ، وهذه المسألة في سماع سحنون ، وعزاه ابن عرفة لسماع يحيى ، ولم أرها إلا في سماع سحنون من كتاب الظهار ، ولم ينقلها الشيخ في نوادره إلا عن أبو محمد بن أبي زيد سحنون ، وسماع يحيى ليس فيه إلا مسألة واحدة ، فلعل ذلك وقع في نسخة الشيخ ابن عرفة ، ونص كلامه في كتاب الظهار التتابع في كفارة القتل والظهار فرض بنص التنزيل ، فلا يعذر أحد في تفرقتهما بالنسيان على المشهور في المذهب ، وإنما يعذر في ذلك بالمرض أو الحيض إن كان امرأة فإن مرض الرجل فأفطر في شهري صيامه أو أكل فيهما ناسيا قضى ذلك ، ووصله بصيامه فإن ترك أن يصله بصيامه ناسيا أو جاهلا أو متعمدا استأنف صيامه ، ثم قال ومحمد بن عبد الحكم : يرى أنه يعذر في تفرقة الصوم بالنسيان ; لأنه أمر غالب كالمرض انتهى .
وكذلك كلام اللخمي قريب من ذلك ، ونصه الصوم عن الظهار شهران متتابعان حسبما ، ورد به القرآن فمن أتى به متفرقا متعمدا لم يجزه ، وإن كانت التفرقة عن مرض أجزأ ، واختلف إذا كانت عن نسيان أو خطأ ، ثم ذكر الخلاف ، وذكر ما نقله المصنف عنه في التوضيح ، ثم قال في آخر كلامه : ومن أكل في نهاره بعد أن كان بيت الصوم ناسيا قضى يوما ، ووصله بصيامه ، وأجزأه ، ولم يستأنف ; لأن بعض أهل العلم قال : إنه صوم صحيح لا يجب قضاؤه ، وقياس المذهب أن يكون بمنزلة من بيت الفطر ; لأنه لم يختلف قول ، وأصحابه أنه صوم فاسد يجب قضاؤه ، ولا يحتسب به انتهى . مالك
فقوله ، وقياس المذهب يدل على أنه ليس فيه خلاف منصوص فبان من كلامهما أنهما لم ينقلا الخلاف إلا في تفرقة النسيان لا فيمن أفطر ناسيا كما قاله المصنف في التوضيح ، وما نقله ابن عرفة عن ابن رشد هو كذلك فيه لا في عزو سماع يحيى فقط ، فإني لم أره إلا في سماع سحنون كما تقدم بيانه ، ونص كلام ابن عرفة ابن رشد في سماع يحيى لا يعذر بتفرقة النسيان ، وعذره به ابن عبد الحكم انتهى ، وهذا هو الذي يظهر من كلامه في الجواهر ، ولم يذكر في التوضيح ما شهره إلا عن ابن الحاجب ابن عبد الحكم [ ص: 130 ] وقد شهره صاحب اللباب ، وذكر في المتيطية ، وفي معين الحكام مثل ما في المدونة فقط من غير ذكر خلاف ، والله أعلم .
هذا ما ظهر لي في ذلك ، ومن ظهر له الحق بعد هذا الكلام في طريق فليتبعه ، والله الهادي للصواب .