ص ( بسم الله الرحمن الرحيم )
ش : ابتدأ رحمه الله بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز فإن العلماء متفقون على في أوله في غير الصلاة ، وإن قلنا : إن البسملة ليست آية من الفاتحة [ ص: 11 ] وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم { استحباب البسملة } رواه كل أمر ذي بال لا يبتدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر بهذا اللفظ في كتاب الجامع وفي رواية أقطع وفي رواية أجذم بالجيم والذال المعجمة . الخطيب
وهو من التشبيه البليغ في العيب المنفر ومعنى الجميع أنه ناقص غير تام وإن تم حسا ومعنى ذي بال أي ذي حال يهتم به ورأيت بخط الشيخ جلال الدين المحلي أن صاحب الاستغنا في شرح أسماء الله الحسنى حكى عن شيخه أبي بكر التونسي قال : أجمع علماء كل ملة أن الله افتتح كل كتاب ببسم الله الرحمن الرحيم .
قال ابن حجر وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على وكذا معظم كتب الرسائل واختلف القدماء فيما افتتاح كتب العلم بالتسمية فجاء عن إذا كان الكتاب كله شعرا هل يبتدأ بالتسمية الشعبي منع ذلك وعن الزهري قال : مضت السنة أن لا يكتب في الشعر بسم الله الرحمن الرحيم وعن جواز ذلك وتابعه على ذلك الجمهور وقال سعيد بن جبير : هو المختار انتهى من فتح الباري . الخطيب
( قلت ) وهذا في غير الشعر المحتوي على علم أو وعظ فهذا لا شك في دخوله في كتب العلم وفي غير الشعر المحرم فإن التسمية لا تشرع في الأمر المحرم . متعلقة بأصنف ، وكذا يضمر كل فاعل ما جعلت التسمية مبدأ له فيضمر المسافر أسافر ، والآكل آكل ليفيد تلبس الفعل جميعه بالتسمية فهو أولى من تقدير أبدأ ; لأنه لا يفيد إلا تلبس ابتدائه فقط وتقدير المتعلق متأخرا أولى ; لأن المقصود الأهم البداءة باسمه تعالى ردا على الكفار في ابتدائهم بأسماء آلهتهم ; ولأنه أدل على الاختصاص بخلاف { والباء للاستعانة اقرأ باسم ربك } فإن المقصود هناك القراءة والاسم مشتق من السمو وعند البصريين هو العلو ; لأنه رفعة للمسمى ، ومن السمة عند الكوفيين وهي العلامة .
وإضافته للجلالة من إضافة العام للخاص ليفيد أن الاستعانة والتبرك بذكر اسمه وحذفت ألفه لكثرة الاستعمال ولذا لم تحذف من { اقرأ باسم ربك } وغيره وطولت ألفا عوضا عنها والجلالة علم على ذاته تعالى وهو أعرف المعارف وحكى أن ابن جني رئي بعد موته فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : خيرا ، وذكر كرامة عظيمة ، فقيل له : بم ؟ فقال : لقولي : إن اسم الله أعرف المعارف وهو اسم جامع لمعاني الأسماء الحسنى كلها وما سواه خاص بمعنى فلذا يضاف الله لجميع الأسماء ، فيقال : الرحمن من أسماء الله تعالى وكذا الباقي ولا يضاف هو إلى شيء ، وقيل : إنه الاسم الأعظم وبه وقع الإعجاز حيث لم يتسم به أحد ولا يصح الدخول في الإسلام إلا به وتكرر في القرآن ألفي مرة وخمسمائة وستين مرة وقيل : ألفي مرة وثلاثمائة وستين ، واختلف فيه هل هو مشتق أو مرتجل ؟ وعلى الأول فقيل : من أله يأله كعلم يعلم إذا تحير ; لأن العقول تتحير في عظمته وقيل غير ذلك . سيبويه