والرحمن الرحيم صفتان للمبالغة من رحم بالكسر بعد نقله إلى فعل بالضم أو تنزيله منزلة القاصر قالالهمداني في إعراب القرآن : وأهل الحجاز وبنو أسد يقولون : رحيم ورغيف وبعير بفتح أوائلهن ، وقيس وربيعة وتميم يقولون : رحيم ورغيف وبعير بكسر أوائلهن واختلف في تفسير الرحمة فقيل : هي رقة وانعطاف تقتضي التفضل والإحسان ، ومنه الرحم لانعطافها على ما فيها فهي في حق الله مجاز عن الإنعام .
قال الرازي : إذا وصف الله تعالى بأمر ولم يصح وصفه بمعناه يحمل على غاية ذلك . وهي على هذا القول من صفات الأفعال وقيل : الرحمة إرادة الخير فوصفه تعالى بها على هذا القول حقيقة وهي حينئذ صفة ذات . قال الطيبي وكلا القولين منقول وذكر السمين في إعرابه القولين وقال الظاهر الثاني وذهب إلى الأول ورد عليه ذلك الشيخ العلامة الزمخشري أبو علي عمرو بن محمد بن خليل السكوني في كتابه المسمى بالتمييز لما أودعه من الاعتزال في تفسير القرآن العزيز [ ص: 12 ] وقال : إنه مذهب المعتزلة ونصه قوله في الزمخشري : إنه مجاز اعتزال وضلال بإجماع الأمة فإن الأمة أجمعت على أن الله تعالى رحيم على الحقيقة وأن من نفى عنه حقيقة الرحمة فإنه كافر ، وإنما قال وصف الله تعالى بالرحمة ذلك ; لأن الرحمة عند المعتزلة رقة وتغير ولأنهم ينكرون الإرادة القديمة ويصرفون رحمة الله سبحانه إلى الأفعال وإلى إرادة حادثة لله تعالى الله عن قولهم . الزمخشري
ثم قال : ولم يعلموا أن الرحمة ليست سوى إرادة الخير وليست الرقة وإنما الرقة صفة أخرى تارة تصاحب الإرادة وتارة لا تصاحب وأطال في ذلك .
( قلت ) كلام الصحاح نحو كلام وقد تبع الزمخشري على تفسير الرحمة بما ذكر جماعة منهم القاضي الزمخشري ناصر الدين البيضاوي والشيخ ابن عرفة بل نقل الأبي في تفسيره عن الشيخ ابن عرفة أنه قال : كل مجاز له حقيقية إلا هذا يعني : الرحمن فإن الرحمة العطف والتثني وذلك إنما هو حقيقة في الأجسام وتقرر عندي أن غير الله لا يطلق عليه الرحمن فهو مجاز لا حقيقة له انتهى . وكلام الأبي هذا يقتضي أن المراد بالانعطاف الجسماني وليس كذلك إنما المراد الانعطاف النفساني