وإن أو لبيت نارهم ذبيحة جاز في قول أوصى الذمي للبيعة أو للكنيسة أن ينفق عليها في إصلاحها أو أوصى أن يبنى بماله بيعة أو كنيسة أو بيت نار أو أوصى بأن يذبح لعيدهم أو للبيعة ولم يجز شيء منه في قول أبي حنيفة أبي يوسف . ومحمد
( أهل الذمة على ثلاثة أوجه ) : منها أن يوصي بما هو قربة عندنا وعندهم كالوصية بالصدقة والعتق والإسراج في البيت المقدس فهذا يجب تنفيذه من ثلثه بالاتفاق كما يجب تنفيذه إذا كان الموصى له مسلما فإنهم يتقربون إلى الله تعالى بذلك بزعمهم . ووصايا
وإن كانوا لا يثابون على ذلك .
ووجه منها أن يوصى بما هو قربة عندنا معصية عندهم كالوصية بالحج والغزو إلى الروم إذا كان الموصي منهم فهذه الوصية تبطل ; لأنه لا يعتقد القربة فيه وإنما أمرنا أن نبني الأحكام على ما يعتقدون إلا أن يوصي بشيء من ماله لأقوام معينين يصرفونه إلى هذه الجهة فحينئذ تنفذ الوصية لأعيانهم لا لمعنى القربة ، وهو نظير ، فإن كانوا أقواما بعينهم يحصون جازت الوصية لهم وإلا بطلت . المسلم يوصي بشيء من ماله للمغنيات أو للنائحات
ووجه منها أن يوصي بما هو قربة عندهم معصية عندنا ، وهذا عند رحمه الله بمنزلة الوجه الأول يجب تنفيذها بمنزلة الوجه الثاني ; لأنه ليس في هذه الوصية معنى القربة حتى يقال : إنها وقعت لله تعالى فإذا لم يكن لقوم معينين كان كان الموصى له مجهولا جهالة مستبهمة فلا تصح الوصية . أبي حنيفة
وإن كان لأقوام معينين فهذه وصية منه لهم فيجب تنفيذها كما في الوجه الثاني يقول : الموصي في هذه الوصية قصد التقرب إلى ربه فيجب تنفيذ وصيته . وأبو حنيفة
وإن كان لا يثاب عليه أو كان معصية في الحقيقة كما في الوجه الأول فإن إصراره على الكفر واشتغاله بالوصية معصية منه ، وهو غير مثاب على ما يوصي به من الصدقة ، ومع ذلك يجب تنفيذ وصيته ، وهذا ; لأنا أمرنا بأن نبني أحكامهم على ما يعتقدون .
( ألا ترى ) أنا نجوز التصرف منهم في الخمر والخنزير بناء على اعتقادهم ، وإنما نعتبر ما يظهرون من غير أن نعتبر حقيقة ما يضمرون في ذلك ، ولهذا يحلفون بالله في الخصومات ، والدليل عليه أن فيما تبطل الوصية بغير اعتقادهم لا اعتقاد المسلمين فكذلك فيما تصح الوصية .
وإن كان ميراثا أما بني في حياته بيعة أو كنيسة أو بيت نار ، ثم [ ص: 95 ] مات عندهما ; فلأن هذه معصية ، وعند هذا بمنزلة الوقف والوقف عنده لا يلزم في حالة الحياة ، ولا يمنع الإرث بخلاف ما إذا كان مضافا إلى ما بعد الموت ، وهذا بخلاف بناء المسجد من المسلم فإن ذلك تقرب بتحرير تلك البقعة وجعلها لله تعالى خالصا ( ألا ترى ) أنه يعدها لعباد الله تعالى فأما بقعة البيع فإنما يعدها للتبرك وعبادة الشياطين ، فلا تتحرر به عن ملكه ; فلهذا تصير ميراثا لورثته . أبي حنيفة