وعن رضي الله عنه قال إذا عمر فالأخيرة منهما أملك وبظاهره [ ص: 146 ] أخذ أوصى الرجل بوصيتين ، فقال الوصية الثانية بالثلث أو بالعتق للذي أوصى به لغيره يكون دليل الرجوع عن الوصية الأولى ولكنا نقول المراد وصيتان بينهما منافاة بأن يوصي ببيع عبده من إنسان ، ثم يوصي بعتقه أو على عكس ذلك ، فإن بين هاتين الوصيتين في محل واحد منافاة فالثانية منهما دليل الرجوع عن الأولى ، فأما إذا الشافعي فلا منافاة بين الوصيتين في المحل ومراده أن يكون كله لأحدهما إن لم يقبل الآخر الوصية أو لم يبق إلى ما بعد موت الموصي ، وإن لم يكن مشتركا بينهما إن قبلا جميعا الوصية فلا تكون الثانية منهما دليل الرجوع عن الأولى ، وإن لم يستحق الموصى له الأول الترجيح بالسبق فلا أقل من أن يزاحم الموصى له الثانية ، وعن أوصى إلى إنسان بعبد بعينه ، ثم أوصى لآخر بذلك العبد في الرجل يموت ولم يحج قال إن أوصى أن يحج عنه فمن الثلث ، وإن لم يوص فلا شيء وبهذا نأخذ . إبراهيم
وقد بينا المسألة في كتاب المناسك فنقول فيما يجب حقا لله - تعالى - خالصا كالزكاة والحج لا يصير دينا في التركة بعد الموت مقدما على الميراث ولكنه ينفذ من الثلث إن أوصى به كما ينفذ بسائر التبرعات ، وإن لم يوص به فهو يسقط بالموت في أحكام الدنيا ، وإن كان مؤاخذا في الآخرة بالتفريط في أداء بعد التمكن منه ، وعلى قول يصير ذلك دينا في تركته مقدما على الميراث أوصى به أو لم يوص ، وقد بينا المسألة في كتاب المناسك والزكاة ، وعن الشافعي في إبراهيم قال يتصدق عنه ولسنا نأخذ بهذا ، فإن تنفيذ الوصية تجب على ما أوجبه الموصي بحسب الإمكان والتحرز عن التبديل واجب بالنص قال - تعالى - : { الرجل يوصي بثلث ماله يحج به عنه أو يعتق به رقبة فلم تتم الحجة ولا الرقبة فمن بدله بعدما سمعه } الآية ، وإنما يحج بثلثه من حيث يبلغ ، وإن كان الثلث لقلته بحيث لا يمكن أن يحج به عنه فهو لورثته وكان ذهب في ذلك إلى أن مقصود الموصي التقرب إلى الله - تعالى - بثلث ماله ونيل الثواب في ذلك القدر من المال فيجب تحصيل مقصوده بحسب الإمكان وذلك في التصدق به ولكنا نقول اعتبار التعبير في ألفاظ الشرع يجب ; لأنها لا تخلو عن حكمة حميدة ، فأما في أوامر العباد فيعتبر اللفظ . إبراهيم
( ألا ترى ) أنه لو أمر إنسانا بأن يطلق امرأته للسنة فطلقها بغير السنة لم يقع ؟ والشرع أمر بإيقاع الطلاق للسنة ، ومن طلق امرأته لغير السنة كان طلاقه واقعا .