بني تميم ، ثم جنى جناية أخرى ، فإنه يقضي بالجنايتين على بيت المال ويجعل ولاؤه لجماعة المسلمين وتبطل موالاته مع الذي والاه ; لأن الذي أسلم ولم يوال أحدا فولاؤه لبيت المال حتى يكون ميراثه لو مات لبيت المال ، فإذا جنى جناية تعقل وجب على بيت المال وتأكد به حكم ذلك الولاء ولا يصح منه عقد الموالاة بعد ذلك مع أحد فلهذا كان موجب جنايته على بيت المال ، وكذلك لو ذمي أسلم ولم يوال أحدا حتى قتل قتيلا خطأ فلم يقض به حتى والى رجلا من كانت موالاته باطلة ; لأنه بالرمي جان . رمى بسهم أو حجر خطأ قبل أن يوالي أحدا فلم تقع الرمية حتى والى رجلا ، ثم وقعت فقتلت رجلا
( ألا ترى ) أن المعتبر حالة الرمي حتى لو رمى إلى صيد ، وهو مسلم ، ثم ارتد فأصابه السهم حل تناوله ، وإذا كان بالرمي جانيا وذلك حصل منه قبل الموالاة تأكد به الولاء لبيت المال ولو ، فإن دية القتيل عليه في ماله وولاء الذي والاه صحيح ولا يشبه هذا ما مضى قبله من الرمية والجناية ; لأن مجرد الحفر ليس بجناية يجب بها أرش حتى يعطب فيها إنسان ، فقد والى وليس في عنقه جناية فصحت الموالاة والرمية كانت جناية منه ، فإنما والاه وفي عنقه جناية وبيان هذا الفرق أن الرامي مباشر ولا تتحقق المباشرة إلا باعتبار فعله . حفر بئرا في الطريق فلم يقع فيها أحد حتى والى رجلا ، ثم وقع فيها رجل فمات
( ألا ترى ) أنه بالرمي ملتزم القود إذا كان عمدا والكفارة إذا كان خطأ فعرفنا أنه جان حين رمى وأما الحافر فليس بمباشر للقتل ولهذا لا تلزمه الكفارة ولا يحرم الميراث ولكنه متسبب ، وإنما يتم هذا السبب عند وقوع الواقع في البئر ، فقد والى وليس في عنقه جناية فصحت الموالاة ، ثم دية هذا الواقع في البئر لا تكون على من والاه ; لأنه عند الوقوع صار جانيا عليه بالحفر السابق ، وقد كان ذلك قبل الموالاة ، ومن والاه لم يتحمل عنه موجب أفعاله قبل الموالاة ولا يعقل عنه بيت المال ; لأنه إن جعل ذلك على بيت المال بطل ولاؤه ولا وجه لإبطال الولاء المحكوم بصحته قلنا : إن وجب عليه دية القتيل في ماله بمنزلة من لا عاقلة له .