ولو فإني أقضي على القاتل بنصف الدية في ماله ; لأن قطع الرجل لم يثبت عند القاضي فإن الشاهد به واحد ، وقد ثبت قطع اليد من المفصل عند القاضي بشهادة الشاهدين ، ولكن قد أقر الولي أنه مات من ذلك الفعل ، ومن فعل آخر لم يعلم فاعله فيكون ذلك شبهة في إسقاط القود ويتوزع بدل النفس نصفين فيلزمه نصف الدية في ماله ; لأن فعله كان عمدا فلا يعقله العاقلة واقرار الولي حجة عليه في حقه ، وكذلك لو شهد شاهدان أنه قطع يده عمدا من مفصله وشهد شاهد أنه قطع رجله من المفصل ، ثم شهدوا جميعا أنه لم يزل صاحب فراش حتى مات ، والولي يدعي ذلك كله عمدا ; لأن الحجة في الرجل لا تتم بدون عدالة الشهود فهما وما لو كان الشاهد به واحدا سواء شهد على الرجل شاهدان فلم يزكيا ; لأن واحدا من الفعلين لم يثبت عند القاضي فإن العدل من الشهود بكل فعل واحد ولا يقال قد اتفق العدلان على الحكم ، وهو القصاص فينبغي أن يقضي به ; لأنه لا يمكن القضاء بالحكم إلا بعد القضاء بالسبب ، وقد تعذر القضاء بذلك ( ألا ترى ) [ ص: 169 ] أنه لو شهد عليه رجل أنه قطع أصبعا له وشهد الآخر أنه استهلك له ألف درهم لم يقض القاضي عليه بشيء ، فإن اتفقا على وجوب الألف له في ماله ، فإن نكلوا جميعا قضيت عليه بالقصاص ; لأن الفعلين ظهرا بالحجر عند القاضي ، فإن طلب الولي أن يقتص من اليد ، والرجل لم يكن له ذلك ; لأنه لما اتصلت بفعله السراية كان ذلك قتلا فيكون حقه في القصاص في النفس مقصودا دون الأطراف ، وقد بينا خلاف ولو زكي أحد شاهدي اليد وأحد شاهدي الرجل لم يؤخذ القاتل بشيء في هذا . الشافعي