ولو لم يكن لأحدهما أن ينقضه دون صاحبه ; لأنهما كالأجنبي في نقض كل واحد منهما الرهن في نصيب صاحبه فإن شركة العنان لا تتضمن إلا الوكالة بالبيع والشراء ، وفيما سوى ذلك كل واحد منهما في حق صاحبه ينزل منزلة الأجنبي كانا شريكي عنان فرهنا جميعا رهنا كان المرتهن ضامنا لحصة الذي لم ينتقض ; لأنه صار مخالفا برد حصته على الآخر ، ويرجع عليهما بماله ويرجع بنصف القيمة التي ضمن على الذي قبض منه الرهن ; لأن القابض منه لا يرده عليه بمنزلة غاصب الغاصب في حقه ، والغاصب الأول إذا ضمن رجع بما ضمن على الغاصب الثاني ، فهذا مثله قال فإن نقضه ، وقبضه ، فهلك عنده : هذا خطأ ، والصواب أن لا يرجع [ ص: 167 ] المرتهن بما ضمن على القابض ; لأنه هو الذي سلمه إليه مع علمه أنه ليس بمالك له ، فهو في حقه كمودع الغاصب ، فإذا ملك الغاصب بالضمان كان مسلما ملك نفسه إلى الأجنبي طوعا ، وقد هلك في يد القابض من غير فعله فلا ضمان عليه إلا أن يكون ادعى الوكالة من صاحبه ، ودفعه المرتهن من غير تصديق ، فحينئذ يرجع عليه لأجل الغرور الممكن من جهته بدعواه الوكالة من صاحبه ، وقد قيل في تصحيح جواب الكتاب أن حالة الشركة التي بينهما توهم كثيرا من الناس جواز قبض أحدهما له في حقهما ، فيقوم ذلك مقام الغرور الذي يمكن بادعاء أحدهما الوكالة ، فكما يرجع هناك بما ضمن ، فكذلك هنا ولو عيسى جاز ذلك ; لأنه هو الذي رهنه . كان رهنه أحدهما بإذن شريكه ثم نقض الرهن وقبضه ، وسلم ذلك المرتهن
( ألا ترى ) : أن المستعير للرهن إذا نقض الرهن واسترد العين برضا المرتهن كان جائزا ، فكذلك هنا والله أعلم .