وإذا ففي القياس له أن يقبض العبد ، ولا يكون للمرتهن أن يحبس الرهن برأس المال ; لأن العبد كان مرهونا بالمسلم فيه ، وقد سقط لا إلى بدل ، ورأس المال دين آخر واجب بسبب آخر ، وهو القرض فلا يكون العبد مرهونا به ، كما لو كان له على غيره دراهم ، ودنانير فرهنه بالدنانير رهنا ثم أبرأه المرتهن عن الدنانير لا يكون له أن يحبس الرهن بالدراهم ، وفي الاستحسان له أن يحبس الرهن حتى يستوفي رأس المال ; لأنه ارتهن بحقه الواجب بسبب العقد الذي جرى بينهما ، وحقه في المسلم فيه عند قيام العقد ، وحقه في رأس المال عند فسخ العقد ، فيكون له أن يحبس الرهن بكل واحد منهما كمن أسلم الرجل خمسمائة درهم إلى رجل في طعام مسمى فارتهن منه عبدا يساوي ذلك الطعام ثم صالحه على رأس [ ص: 93 ] ماله كان له أن يحبس الرهن حتى يستوفي قيمته ; لأن الواجب بالغصب استرداد العين عند قيامه ، والقيمة عند هلاكه ، وهذا ; لأن المسلم فيه مع رأس المال أحدهما بدل عن الآخر ولهذا لا يجوز الاستبدال بالمسلم فيه قبل الإقالة ، والرهن بالشيء يكون رهنا ببدله ; لأن البدل يقوم مقام الأصل ، وحكمه حكم الأصل فإن هلك العبد في يده من غير أن يمنعه فعلى المرتهن أن يعطي مثل الطعام الذي كان على المسلم إليه ، ويأخذ رأس ماله ; لأنه بقبض الرهن صارت ماليته مضمونة بطعام السلم ، وقد بقي حكم الرهن إلى أن هلك فصار بهلاك الرهن مستوفيا طعام السلم ، ولو استوفاه حقيقة قبل الإقالة ثم تقايلا أو بعد الإقالة لزمه رد المستوفى ، واسترداد رأس المال فكذلك هناك . ارتهن بالمغصوب به فهلك المغصوب
وهذا ; لأن الإقالة في باب السلم لا تحتمل الفسخ بعد ثبوتها فهلاك الرهن لا يبطل الإقالة ، وإن صار مستوفيا طعام السلم يحتاج إلى الفرق بين هذا ، وبين فصل المتعة ، فهناك جعل الرهن بعد الطلاق محبوسا بالمتعة ، وجعلها بهلاك الرهن مستوفية للمتعة ، وهنا جعل الرهن محبوسا برأس المال ، وجعله هناك هالكا بطعام السلم ; لأن المتعة في جزء من مهر المثل ، فإن الطلاق مسقط فلا يصلح أن يكون موجبا دينا آخر ابتداء ، وإذا كان بمنزلة الجزء فهو كنصف المسمى فإنما يبقى حكم الضمان بقدره ، وهذا رأس المال ليس بجزء من المسلم فيه ، وعند هلاك الرهن إنما يتم الاستيفاء من وقت القبض ، ولهذا تعتبر القيمة من وقت القبض فإنما يصير مستوفيا لما صار مضمونا به ، وتوضيحه : أن بالطلاق سقط مهر المثل لا إلى بدل ، ولا يمكن إيفاء ضمان المهر في مهر المثل وقد سقط لا إلى بدل ، فلهذا بقي الرهن بقدر المتعة رهنا بالإقالة وسقط السلم فيه لا إلى بدل ، ولكن إلى بدل ، وهو رأس المال لما بينا أن أحدهما بدل عن الآخر ، فلهذا بقي ضمان الرهن بالطعام ، كما انعقد عند القبض ، وكذلك لو ومحمد فعليه طعام مثله ; لأن المرهون مضمون بطعام السلم لا رأس المال . ، وهب له رأس المال بعد الصلح ثم [ ص: 94 ] هلك العبد
فالإبراء عن رأس المال وجوده كعدمه في إيفاء حكم الضمان بطعام السلم قال .
( ألا ترى ) أن رجلا لو جاز ذلك ، ولم يكن له أن يقبض الثوب حتى يدفع الكرين من الشعير ، ولو هلك الرهن عنده بطل طعامه ، ولم يكن له على الشعير سبيل ، وبيان هذا الاستشهاد : أن حبس الرهن بعد هذا الصلح لا يمكن باعتبار ضمان الشعير ; لأن الشعير مبيع عين ، والرهن مثله لا يجوز ، فعرفنا أنه بقي مرهونا بالطعام ; لأن سقوطه كان بعوض فبقي حكم الرهن ، والضمان فيه ما لم يأخذ العوض ، وكذلك في مسألة السلم إلا أن هنا إذا هلك الرهن تم استيفاؤه للطعام فيبطل العقد في الشعير ، كما لو استوفاه حقيقة ثم اشترى به شعيرا بعينه ، وفي السلم أيضا صار مستوفيا للمسلم فيه بهلاك الرهن ، ولكن إقالة السلم - بعد استيفاء المسلم فيه - صحيحة ، فلهذا يلزمه رد مثل ذلك الطعام ، ولو باعه كرا بدراهم ثم افترقا قبل أن يقبضها بطل البيع ; لأنهما افترقا عن دين بدين ، وبقي الطعام عليه ، والثوب رهن به بخلاف الشعير فإنه عين ، فإنما الافتراق هنا عن عين بدين حتى لو كان الشعير بغير عينه وتفرقا قبل أن يقبضا كان البيع باطلا أيضا ; لأنه دين بدين هكذا ذكر في الأصل ، وينبغي في هذا الموضع أن لا يصح البيع أصلا ; لأن الشعير بغير عينه بمقابلة الحنطة يكون مبيعا ، وبيع ما ليس عند الإنسان لا يجوز أقرض رجلا كر حنطة ، وارتهنه منه ثوبا قيمته مثل قيمته فصالحه الذي عليه الكر على كري شعير يدا بيد