وإن فالصلح كله باطل ; لأن في حصة الشعير العقد مبادلة نصف كر حنطة بنصف كر شعير والقدر بانفراده يحرم النساء فيفسد العقد ، ثم اشتراط ما بقي من الأجل في الحنطة إنما كان بناء على حصول مقصودهما في العقد على الشعير ، وقد بينا أن الصلح على الإنكار مبني على زعم المدعي فهو وما لو كان الصلح على الإقرار سواء ، ولو كان لرجل على رجل كر حنطة فصالحه بعد إقرار أو إنكار على نصف كر حنطة ونصف كر شعير إلى أجل كان جائزا ، وإن تفرقا قبل القبض ; لأن مبادلة الحنطة التي هي دين بالشعير بعينه جائزة ، وإن كان الشعير بغير عينه ، فإن قبضه قبل التفرق جاز ، وإن كانت بالحنطة مؤجلة أو حالة قبضها ; لأن الشعير قد تعين في [ ص: 29 ] المجلس كالمعين عند العقد . لم يضرب لذلك أجلا أو كان الشعير معيبا والحنطة بغير عينها
ومعنى قوله إن كانت الحنطة مؤجلة في الأصل إلا أن يكون مراده أنه أجله في الحنطة ، فإن ذلك يفسد العقد عند رحمه الله : لأنه شرط في مبادلة الحنطة بالشعير التأجيل في النصف الآخر من الحنطة وذلك مفسد للعقد فعرفنا أن مراده أن صفة الدينية والتأجيل في الحنطة لا يمنع جواز هذا العقد ، وإن فارقه قبل أن يقبض الشعير بطل الصلح في حصة الشعير ; لأنه دين بدين ، فلا يكون عفوا بعد المجلس ، فإن قيل حصة الشعير من الحنطة صارت في حكم المقبوض لمن عليه حين سقط عنه فكيف يكون دينا بدين قلنا صار مقبوضا دينا والدين بالسقوط يصير في حكم المقبوض المتلف ولكن لا يتعين . محمد