( قال ) : ولو فإن كان فيهن امرأته غسلته لأن مات رجل في سفر ومعه نساء ليس معهن رجل رضي الله عنه أوصى إلى امرأته أبا بكر [ ص: 70 ] أن تغسله وهكذا أسماء رضي الله عنه وقالت أبو موسى الأشعري عائشة رضي الله عنها : لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساءه ولأن النكاح بينهما في حكم القائم ما لم تنقض العدة فإن الموت محول للملك لا مبطل وملك النكاح لا يحتمل التحول إلى الورثة فبقي موقوفا على الزوال بانقضاء العدة كما بعد الطلاق الرجعي ولو ارتفع النكاح بالموت فإنما ارتفع إلى خلف وهي العدة وهذه العدة حق النكاح فتقوم مقام حقيقته في إبقاء حل المس والنظر قال : وإن لم تغسله في قول كان فيهن أم ولده الآخر وفي قوله الأول لها أن تغسله وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأنها معتدته من فراش صحيح فهي كالمنكوحة ، وجه قوله الآخر إنها عتقت بالموت فصارت أجنبية منه ووجوب العدة عليها بطريق الاستبراء ولهذا لا يختلف بالحياة والوفاة فلا يثبت باعتباره حل المس والنظر كالعدة من نكاح فاسد . زفر
( قال ) : وإن لم تغسله ، سواء كانت البينونة بطلاق أو غير طلاق ; لأن النكاح قد ارتفع في حالة الحياة والعدة الواجبة عليها بطريق الاستبراء ، ولهذا تقدر بالأقراء وكذلك لو كان فيهن امرأة قد بانت منه في حياته لم تغسله عندنا خلافا ارتدت قبل موته ثم أسلمت بعد موته رحمه الله تعالى لأن الردة بعد الموت لا ترفع النكاح فقد ارتفع بالموت بخلاف الردة في حال الحياة ولكنا نقول : النكاح كالقائم على إحدى الطريقتين فارتفع بالردة وعلى الطريق الآخر فقد بقي حل المس والنظر وكما ترفع الردة مطلق الحل ترفع ما بقي منه وهو حل المس والنظر وعلى هذا لو لزفر فوجب عليها العدة لم تغسله عندنا خلافا طاوعت ابن زوجها بعد موته أو وطئت بشبهة رحمه الله تعالى ولو لزفر لم تغسله عندنا لأنه لم يثبت حل الغسل عند الموت لها فلا يثبت بعده خلافا مات الزوج وهي معتدة من وطء بشبهة فانقضت عدتها رحمه الله تعالى وكذلك لو لأبي يوسف فهو على هذا الخلاف وكذلك كانت أختها تعتد منه فانقضت عدتها بعد موته لم تغسله عندنا خلافا المجوسية إذا أسلمت بعد موت زوجها المسلم وإن لأبي يوسف لم تغسله وقال كان فيهن أمته رضي الله عنه : لها أن تغسله لأن ملكه فيها يبقى حكما لحاجته إلى من يغسله . الشافعي
( ولنا ) أنها قد انتقلت إلى الوارث وصارت كسائر إمائه وهذا لأن حل المس يعتمد ملك المتعة لا ملك المالية وملك المتعة في الأمة تبع فلا يمكن إبقاؤها له بعد تحول ما هو الأصل وهو ملك الرقبة إلى الوارث وكذلك إن لأن [ ص: 71 ] المحرم في حكم النظر إلى العورة كالأجنبية فكذلك ذوات محارمه ولكن ييمم لأنه تعذر غسله لانعدام من يغسله فصار كتعذر غسله لانعدام ما يغسل به فإن كان من ييممه محرما يممه بغير خرقه لأنه حل لها مس هذين العضوين في حياته فكذلك بعد وفاته فإن كانت أجنبية يممته بخرقة تلفها على كفها لأنه لم يكن لها أن تمسه في حياته فكذلك بعد وفاته ثم يصلين عليه وقام الإمام منهن وسطهن كما هو الحكم في جماعة النساء وإن كان فيهن أحد من ذوات محارمه علمنه غسل الميت ليغسله لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف وإن لم يكن بينهما موافقة في الدين . ألا ترى أن المسلم يغسل قرابته من الكفار كان معهن رجل كافر