فكان الإقرار معا فالذي اتفقا عليه يأخذ من كل واحد منهما خمسمائة ; لأنهما متصادقان على دينه فيبدأ به لقوة حقه فيأخذ من كل واحد منهما نصف دينه حتى يصل إليه كمال حقه كأنه ليس معه غيره ، ثم يأخذ الآخر من الذي أقر له ما بقي في يده ، وهو خمسمائة ; لأنه مقر بدينه وإقرار أحد الورثة بالدين يلزمه قضاء الدين من نصيبه ، ولم يبق في يده من نصيبه إلا خمسمائة فيدفعها إليه ، ولأنه مقر أنه لا ميراث له ; لأنه مثل التركة فيؤمر بتسليم جميع ما في يده إليه بإقراره ، فإن غاب الذي أقرا له وحصل الذي أقر له أحدهما فقدم المقر بحقه إلى الحاكم ، فقال : لي على أبي هذا ألف درهم ، وقد أقر لي بها وصدقه الابن وأوهم أن يجبره بما أقر به لغيره أي سمي بذلك فإن القاضي يقضي له عليه بالألف التي في يده لأنه مقر له بدين ألف والدين يقضى من أيسر الأموال قضاء ، وهو ما في يده فيلزمه أن يدفع كله إلى المقر له بدينه ، وإن جاء الذي أقر له جميعا وقدم أخاه قضى له عليه بجميع الألف التي في يديه لأنه مقر له بدين ألف درهم ، ولم يصل إليه شيء من دينه فيستوفى منه جميع ما في يده ولا يرجع واحد من الأخوين على أخيه بشيء ; لأن كل واحد منهما لم يتلف على أخيه شيئا وما أخذ من يده إنما أخذه بحكم إقراره . رجل مات وترك ابنين وألفين فأخذ كل واحد منهما ألفا ، ثم ادعى رجل على أبيهما ألف درهم وادعى آخر ألف درهم فأقرا جميعا لأحدهما وأقر أحدهما للآخر وحده
وكذلك لو كان الذي أقر له حضر أولا فقدم الذي أقر له وحده إلى القاضي قضى له عليه بما في يده مقر له بدين ألف درهم ، فإن جاء الآخر وقدم أخاه قضي عليه بالألف ولا يرجع واحد من الأخوين على أخيه بشيء ; لأن ما أخذ من كل واحد منهما إنما أخذه بحكم إقراره . وكذلك لو كان الميراث مائتي دينار أو كان الميراث شيئا مما يكال أو يوزن والدين مثله فهذا والدراهم سواء على ما بينا .