وعن الشعبي رحمه الله أن فلم يفرق بينهما رجلين شهدا على رجل أنه طلق امرأته ثلاثا وفرق القاضي بينهما ، ثم تزوجها أحد الشاهدين ، ثم رجع عن شهادته الشعبي ، وبه كان يأخذ رحمه الله وكان يقول فرقة القاضي جائزة ظاهرا وباطنا ولا يرد القاضي المرأة إلى زوجها برجوع الشاهدين ولا يفرق بينهما وبين الزوج الثاني إن كان هو الشاهد . أبو حنيفة
وقال رحمه الله لا يصدق الشاهد على إبطال شهادته الأولى ، ولكنه يصدق على نفسه فيفرق بينه وبينها إن كان هو تزوجها وإلى هذا رجع محمد رحمه الله وأصل المسألة أن قضاء القاضي بالعقود والفسوخ والنكاح والطلاق والعتاق بشهادة الزور تنفذ ظاهرا وباطنا في قول أبو يوسف أبي حنيفة الأول رحمهما الله ، وفي قول وأبي يوسف الآخر وهو قول أبي يوسف محمد رحمهم الله ينفذ قضاؤه ظاهرا لا باطنا حتى إذا ادعى نكاح امرأة وأقام شاهدي زور فقضى القاضي له بالنكاح وسعه أن يطأها في قول والشافعي أبي حنيفة الأول رحمهما الله ولا يحل له ذلك في قول وأبي يوسف الآخر وهو قول أبي يوسف محمد رحمهم الله وحجتهم في ذلك قوله تعالى { والشافعي ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام } فقد نهى الله تعالى عن أكل مال الغير بالباطل محتجا بحكم الحاكم فهو تنصيص على أنه ، وإن لا يحل له تناوله ، ويكون ذلك منه أكلا باطلا . قضى القاضي له بالشراء [ ص: 181 ] بشهادة الزور
{ } والمعنى فيه أن قضاءه اعتمد سببا باطلا فلا ينفذ باطنا كما إذا قضى بشهادة العبيد أو الكفار ، أو المحدودين في القذف وبيان الوصف أن قضاءه اعتمد شهادة الزور وهو سبب باطل فإنه كبيرة وحجة القضاء مشروعة والكبيرة ضدها . وإذا كانت تهمة الكذب تخرج الشهادة من أن تكون حجة للقضاء فحقيقة الكذب أولى ، ولأن ما قضى به لا كون له فيكون قضاؤه باطلا كما لو قضى بنكاح منكوحة الغير لإنسان بشهادة الزور وبيان الوصف أنه أظهر بقضائه نكاحا كان قد تقدم . وإذا لم يكن بينهما نكاح فلا يتصور إظهاره بالقضاء عرفنا أنه قضى بما لا كون له . وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقضي له بقطعة من نار